الصفحة الرئيسية / سیاسیة / لماذا اختارت أمريكا مطار'الشعيرات' في عدوانها علي سوريا؟

لماذا اختارت أمريكا مطار'الشعيرات' في عدوانها علي سوريا؟

ولعل النقطة الأهم تتعلّق بالمستفيد الأبرز من هذه الضرية بعيداً عن المنددين كإيران وروسيا والمهللين كالسعودية والكيان الإسرائيلي، فمن المستفيد من هذه الضربة، ولماذا تركّزت الضربة الأمريكية علي قاعدة الشعيرات العسكرية، رغم أنّه كان بالامكان توزيع هذه الصواريخ علي قواعد عدّة؟
لا ينتابنا أيّ شكّ أن واشنطن تذرّعت باستخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي في خان شيخون لتبرير عدوانها، إلا أنّه ما بدا لافتاً هو ما أعلنه وزير الخارجيّة الروسي الذي أعلن وقف العمل بمذكرة الطيران مع واشنطن، قائلاً: إن الضربة كانت مقررّة قبل حادث إدلب. وإن صحّ كلام لافرورف فهو يعزّز الدعم الأمريكي للجماعات الإرهابيّة في سوريا، وفي مقدّمتها داعش والنصرة.

مطار الشعيرات الاستراتيجي
يعدّ مطار الشعيرات العسكري أهم القواعد العسكرية السورية، نظراً لاحتوائه علي أحدث طائرات سلاح الجو الذي تملكه الحكومة السورية، فضلاً عن كونه قاعدة استراتيجية في استهداف تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة.
ويقع المطار العسكري السوري 'طياس'، المستهدف بصواريخ أمريكية، علي طريق حمص تدمر، قرب قرية الشعيرات، علي بعد 31 كيلومترا، جنوب شرقي حمص.
ويعد هذا المطار من أهم المعسكرات التدريبية في المنطقة، حيث يشكل 25% من قدرة سلاح الجو السوري. ويضم نوعين من الطائرات الحربية، ميغ وسوخوي، متوزعة علي 3 أسراب.
ويحتوي علي 40 حظيرة إسمنتية، ويتضمن عددا كبيرا من طائرات ميغ 23 وميغ 25 وسوخوي 25 القاذفة، ولديه مدرجان أساسيان، طول كل منهما 3 كيلو مترات، ودفاعات جوية محصنة جدا من صواريخ سام 6، وفيه مركز قيادة اللواء 22، التابع للجيش السوري.

لماذا 'الشعيرات'؟
تبدو جليّة أهمية هذا المطار في ضرب الجماعات الإرهابيّة في سوريا، وبالتالي فإن القصف الأمريكي يصب في صلب استراتيجية واشنطن تجاه الأزمة السوريّة، القاضية بإطالة أمد الحرب بعد فشلها في تحقيق انتصارات ميدانيّة علي الأرض، وهنا لا بد من الإشارة إلي جملة من النقاط:
أوّلاً: كان بإمكان واشنطن عدم التركيز علي هذه القاعدة الجويّة، أو حتي استثناءها نظراً لدورها الأساسي في مكافحة الجماعات الإرهابية في إدلب والشمال السوري. إلا أن الإصرار الأمريكي علي قاعدة الشعيرات يؤكد عزم واشنطن علي إطالة أمد الحرب أطول فترة ممكنة، فلو كان الأمر 'رد اعتبار' علي المجزرة المزعومة لكان بالإمكان اختيار قاعدة عسكرية أخري تفي بالغرض الأمريكي دون التأثير علي دور الجيش السوري وحلفائه في قصف داعش.
ثانياً: هناك سعي أمريكي لرفع معنويات الحلفاء، في الداخل السوري وخارجه، والظهور بمظهر القوي والقادر علي تغيير المعادلات السياسية، وهذا ما بدا واضحاً من خلال التأييد الغربي والإقليمي للضربة العسكريّة. لا يقتصر الأمر علي ذلك، بل حاولت واشنطن من خلال هذه الضربة تعقيد مهمّة الجيش السوري في المشاركة الفاعلة في عمليّة الرقّة ضد تنظيم داعش الإرهابي حيث تحاول واشنطن قطف ثمار هذه المعركة لوحدها، بدءاً من تعقيد المهمّة التركيّة لصالح الأكراد الذي يلعبون دور 'حصان الطروادة'، وليس انتهاءً بهذه الضربة.
ثالثاً: تعيد هذه الضربة، الثانيّة، إلي الأذهان الضربة الأمريكية الأولي للجيش السوري في دير الزور والتي أوقعت المئات بين شهيد وجريح. في الحقيقة، تسعي واشنطن دائماً لإيجاد توازن ميداني علي الأرض يسمح لها بتعزيز أوراقها الضعيفة ميدانياً في الوقت الحالي، وإطالة أمد الحرب كما أوضحنا سابقاً. كما كان الحال في الضربة الأولي، الضربة الثانية تأتي في ظل انهيارات واضحة للجماعات الإرهابيّة أمام الجيش السوري وحلفائه.
رابعاً: يري البعض أن اختيار قاعدة الشعيرات يتعلّق أيضاً بالمنظومة الصاروخية التي لاحقت القاذفات الإسرائيلية مؤخراً، والتي منها انطلقت صواريخ استراتيجية هددت العمق الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولعل هذا الأمر يفسر الفرحة الإسرائيلية السريعة علي لسان نتنياهو، خاصّة أن تل أبيب ترفع اليوم شعار يشبه شعار ترامب الانتخابي: 'ترامب سيعيد 'إسرائيل عظيمة مجدّداً'.
خامساً: صحيفة نيويورك تايمز تساءلت عن مرحلة ما بعد الضربة مشيرةُ إلي أنه علي ترامب التنبه إلي النتائج السلبية لأفعاله خصوصاً علي حملته ضد داعش، كما أن علي إدارته إقناع موسكو بعدم تعقيد عمل الطيارين الأمريكيين في الأجواء السورية، فضلاً عن ضرورة تحذيرها إيران من عدم الانتقام من خلال إطلاق 'ميليشياتها' ضدّ الجنود الأمريكيين في العراق، وفق الصحيفة الأمريكية.
إن هذه الضربة، وباعتبارها حصلت من دون التوصّل إلي نتيجة واضحة حول الجهة الفاعلة في ظل اتهام سوريا وروسيا للنصرة وداعش بذلك، ستجعل الجماعات الإرهابيّة تستخدم الكيميائي كلّما تعرّضت لخسائر ميدانية بغية استجلاب الدعم الأمريكي، وبالتالي تعزيز واشنطن استراتيجيتها الحالية في سوريا والمتمثّلة بأمرين، الأول حرب الوكالة عبر الأكراد وغيرهم، والثاني تقويض عملية مكافحة الإرهاب.
المصدر: الوقت
انتهي**3224**1369


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *