الصفحة الرئيسية / سیاسیة / كفريا والفوعة والعالم الأعمي

كفريا والفوعة والعالم الأعمي

ولنتفقْ ثانياً علي أن هذا المقاتل إنما يقاتل لأجل غاية عظمي وهدف أسمي يتصورهما ويقاتل لأجلهما، ويسعي لتحقيق ما يهدف إليه مقاتلاً فئة يري أنها تقف حائلاً بينه وبين هدفه. وبالتأكيد، خلف هدفه هذا شعب أو جماعةٌ غير مقاتلة المفروض أنه يقاتل لأجلها ولأجل حريتها وحقها في الحرية والعيش الكريم.
ولنتفق ثالثاُ علي أن الشعب أو الجماعة، الساكنين في فكر هذا المقاتل، مدنيون لا علاقة لهم مباشرة بالحرب، حتي لو كانت القضية التي يقوم القتال لأجلها قضيتهم، وحتي لو كان المقاتلون من أبنائهم وأقاربهم، وبيئتهم.
ولنتفق رابعاً علي أن الشرائع السماوية والوضعية الأرضية والقوانين الدولية وشرائع حقوق الإنسان توجب حفظ هؤلاء المدنيين في أوقات الحروب والأزمات، وتمنع المقاتلين من التعرض لهم، حتي لو كان التعرض هذا أبسط أنواع التعرض.
كل ما ورد أعلاه أمور يتفق عليها جميع الناس، أو من المفروض أن يتفقوا عليها، لكنّ هذه الأمور من مسلّمات المنطق والعقل، وكثيرٌ من الناس لا يسيّرهم منطق ولا عقل.
لقد وقعت في سوريا مصائب كثيرة علي المدنيين، وقود الحرب العالمية علي هذه الدولة، والمدنيون دون نقاش وقود كل حرب وقعت منذ بدايات الحروب ووقود كل حرب تقع.
وكان العالم كله يحزن ويبكي لمشاهد القتل والتنكيل والتهجير التي يتعرض لها المدنيون في سوريا، بغض النظر عن الجهة التي تقف خلف هذه الأفعال، وبغض النظر عن تعمد القيام بها أو عدم التعمد. ولكن...
ثار العالم الحر وغير الحر لمشاهد في خان شيخون تكشف الوقائع يوماً بعد يوم أنه جري فبركتها لتصوير مجزرة أُلصقت التهمة بارتكابها بسلاح الجو السوري، لغايات في نفس المخرج المتواري خلف الكاميرا، وما زال الإعلام العالمي والعربي التابع له يبكي علي أطلال هذه المجزرة المشبوهة.
في المقابل، تحصل مجزرة هائلة أمام عيون وكاميرات العالم، يسقط فيها العشرات من الشهداء والجرحي، من النساء والأطفال، وبعض الرجال، من أهالي قريتي كفريا والفوعة، الذين كانوا ينتظرون بشوق لحظات تحررهم من إرهاب المسلحين الذين كانوا يحاصرون القريتين منذ سنين ويمارسون فوق الحصار أعمال القصف الهمجي اليومي ومحاولات الاقتحام علي مرأي ومسمع العالم الذي لم يندد أو يستنكر هذا الحصار وهذا القصف يوماً.
إلي الآن ما زال العالم الحر، والعالم العربي التابع له صامتاً، بالتأكيد ليس صمت المصدوم من هول المجزرة، ولا صمت المفكر في نوع الرد المناسب ضد المتسببين بها.
لن تنطلق صواريخ توماهوك الأميركية لتضرب قواعد الإرهابيين الجناة، ولن يغير الطيران السعودي علي المرتكبين، ولن ينطق لسان مسؤول فرنسي مهدداً أو مندداً.
قدَر الأحرار والشرفاء في العالم أن يُقتلوا في صمت، وأن يُدفنوا في صمت، لأن العالم عميت عيناه عن رؤية الحقيقة، سلوا شعوب كوريا وفيتنام وفلسطين ولبنان وسوريا واليمن وكل الشعوب التي كانت ضحية الإرهاب الغربي وأتباعه من أجانب وعرب. أما حين يصاب (إسرائيلي) معتدٍ محتل بطعنة أو حجر، فعلي الإعلام كله أن يبكي أو يندد، وأن يستنكر فعل الفلسطيني (الإرهابي الهمجي)، وإلا خرج من جنة الرضا العالميّ عليه.
بقلم: فيصل الأشمر.
انتهي**1110**1369


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *