
ولهذا العمل العسكري أبعاد عدة، تتعدي الدائرة الضيقة للخسائر المادية والبشرية والعسكرية التي لحقت بتنظيم 'داعش' الإرهابي.
فحرس الثورة الإسلامية في ايران في إعلانه للضربة الأولي من نوعها أكد أنها أتت في سياق الرد المباشر علي العمليتين الإرهابيتين، اللتين طالتا طهران الأسبوع المنصرم، في رسالة واضحة مفادها أن ما قبل الإعتداء علي مرقد الإمام الخميني(قده) ومبني مجلس الشوري الإسلامي مختلف عن ما بعدها. فإنتقال الإرهاب إلي داخل طهران يعني الانتقال إلي مرحلة جديدة في مكافحته، وضرب منابعه في أية بقعة جغرافية حل.
والصواريخ التي أطلقت من محافظتي كردستان وكرمانشاه، كما أعلن بيان الحرس، صدحت بقوة في تل أبيب، وقبلها في الرياض. فالرياض لا تبعد عن الحدود الإيرانية أكثر مما تبعد دير الزور، لا سيما مع التسريبات التي يتردد صداها في الصحف الإيرانية، عن أدلة لدي حرس الثورة الإسلامية في إيران عن وقوف أيادٍ سعودية خلف التفجيرات الإرهابية، ومع الأخذ بعين الاعتبار التصريحات الصادرة عن ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن وجوب ما اعتبره نقل المعركة الي الداخل الإيراني قبل بعضة أيام من غزوة طهران. فطهران التي تعرف تماما من أين تؤكل الكتف، أو من أين يقطع رأس الأفعي وذيلها!
أما صدي البالستي الإيراني في تل أبيب، فهو خارق لجدار الصوت الإسرائيلي، لأن تل أبيب تري بعين مراقبة وجلة لكل ما يجري في الساحة السورية علي أنه شأن من شؤون الأمن القومي الإسرائيلي.
وليس لنا هنا إغفال ثقل هكذا ضربة علي ساحة الحرب الدائرة في سورية ككل، فهي ترسم خطوط تماس جديدة كاسرة للقاعدة القائلة بأنه لروسيا وأمريكا و'إسرائيل' فقط الحق في استعمال صواريخهم البعيدة المدي في الساحة السورية، فإيران تملك صواريخ من هذا النوع أيضا!
علي أن هذا الرد الإيراني لم يأت من فراغ مطلقا، سيما وأن الساحة الإيرانية الداخلية والشعبية أظهرت تماسكا منقطع النظير، في وجه الإعتداءات الأخيرة، فمن يراقب الصحف الأصولية والإصلاحية والحكومية ومواقع التواصل الاجتماعي علي حد السواء، سيلحظ تعاضدا وتكاتفا مبهرا، ينسي واقع الانقسام العمودي الذي ساد المجتمع الإيراني إبان الانتخابات الإيرانية الأخيرة. الأمر الذي يؤكده كلام مرشد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي أن ما وصفها بـ'المفرقعات لن تنال من إرادة الشعب الإيراني'. أي أن هذه الضربة الصاعقة تنسجم مع الإجماع الإيراني علي مكافحة إرهاب 'داعش' ومن يقف خلفها.
إذا فإن الرد الإيراني أكد أن ما قبل إعتداءات طهران غير ما بعدها. ومن يعلم، فقد تكون هذه الاعتداءات الإرهابية، السبب المباشر لإخراج 'داعش' من آخر معاقلها في دير الزور، كما كانت التفجيرات الإرهابية في الضاحية الجنوبية لبيروت أحد الأسباب الرئيسية لإخراج 'داعش' وأخواتها من معاقلها السابقة علي الحدود اللبنانية السورية.
*العهد
انتهي**1369
www.irna.ir