
ولقد استطاعت هذه الدعوة أن تخلق إمدادات طالت العالم الغربي حيث بدأنا نري بعض المظاهرات في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وأميركا اللاتينية والعديد من الدول تندّد بالانتهاكات والجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني بحيث أصبحت هذه القضية محور اهتمام عالمي وليس عربي – إسلامي .
كيف تعامل الكيان الصهيوني إزاء هذا الواقع ؟ وهل استطاعت الأمة العربية – الإسلامية مجتمعة بما تملك من أدوات ضغط وقوة وخاصة من ثروات طبيعية أن تحلّ هذه المعضلة الكونية ؟
إن الإجابة عن هذين السؤالين يفترض التفصيل والفصل لنستقرأ الأحداث والتخطيط والنتيجة :
أولاً : كيف تعاملت إسرائيل ؟
1- لقد عمل الكيان الصهيوني علي بثّ الرعب في قلوب السواد الأعظم من الدول العربية علي المستوي العسكري والتكنولوجي ( الحرب النفسية ) ما جعلهم يشعرون بل يستسلمون للقدرة الإسرائيلية المتوهمة .
2- خلقوا من خلال اللوبيات الصهيونية وحشاً مجرماً بمسمي إسلامي ( داعش / النصرة ….) ينتمون إلي الطائفة السنية لإشعال فتيل الفتنة مع الشيعة بحيث تضيع بوصلة الصراع العربي – الإسرائيلي أو الصراع الإسلامي – الإسرائيلي ، وها هي الجماعات التكفيرية منذ العام 2011 وحتي اليوم تفتك بالمجتمعات العربية والإسلامية وخاصة سورية الجمهورية العربية التي حافظت علي اتجاه بوصلتها في الصراع ، وقد احتضنت ودعمت كل فصائل المقاومة الفلسطينية وفي كل المحافل .
3- استطاعوا أن يصلوا مع غالبية الدول الخليجية والعربية والإسلامية سراً أو جهاراً إلي خطوط اتصال وتواصل ولاسيما قطر والإمارات والسعودية ومصر وتركيا وإلخ … فها هو وزير الحرب الإسرائيلي السابق ( موشيه يعلون ) يقول في الذكري الخمسين لحرب الأيام الستة : ( لم يعد يوجد بعد الآن تحالف عربي ضدنا ، التطورات التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية جعلت الصراع العربي الإسرائيلي هامشياً وتابع ،( نحن والعرب ، نفس العرب الذين نظموا تحالفا ضدنا في حرب الأيام الستة، نراهم اليوم شريكاً لنا في وجهة النظر ( .
4- خلق ( إيرانوفوبيا ) بحيث أصبحت إيران بنظر الكثير من الدول العربية والإسلامية هي الخطر الأكبر أما إسرائيل فهي دولة يمكن التصالح معها وبناء شراكة علنية بوجه إيران الفارسية الشيعية ، وقد أثبت مؤتمر الرياض مؤخراً حيث اجتمعت 56 دولة عربية واسلامية لإصدار بيان إدانة لإيران وحزب الله وحماس ، وأيضاً ( قطر ) اليوم تتعرّض لأكبر حملة مقاطعة وتأزيم بتهمة العلاقة مع إيران مما يعني أن إيران بالمفهوم الخليجي العربي الإسلامي هي عدوّ أما إسرائيل فهي صديق .
5- لقد استطاعت إسرائيل من خلال الدعم الأمريكي البريطاني المطلق أن تدوس قرارات الإدانة – في ما لو صدرت – من قبل مجلس الأمن بل في غالب الأحيان كان قرار مجلس الأمم المتحدة إدانة المقاومة الفلسطينية لأنها تدافع عن نفسها بحجة ( خرق السلام ) .
جيد ، لكن في المقابل أين أصبحت القضية الفلسطينية في أجندة العرب ؟
1- من البديهي القول أن القضية الفلسطينية لم تكن يوماً محط إجماع عربيّ إلا في المؤتمرات والمنابر والخطابات والقصائد الشعرية أما بالممارسات العملية فإنّ العرب باعوا فلسطين علي طبق من فضّة عندما استسلمت مصر ( أنور السادات )، والسعودية والإمارات و…. وحدها سورية عربياً وإيران إسلامياً حافظتا علي إخلاصهما لهذه القضية بالفعل والقول ، سورية وإيران اليوم يدفعان ضريبة وفائهما لفلسطين … نعم سورية وإيران هما الأوفي لفلسطين.
2- غابت القضية الفلسطينية عن الوسائل الإعلامية السعودية والقطرية والإمارات حتي ظننا أن فلسطين شطبت عن الخارطة .
3- التهافت والتسابق من قبل بعض الدول العربية إلي وضع حزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة علي لائحة الإرهاب … هل سمع أحد منّا يوماً أن الكيان الصهيوني بنظر هؤلاء هو إرهابي ؟!! ألم تكشف ويكليكس والعديد من التقارير الاستخباراتية الغربية حجم التآمر من قبل بعض الدول العربية وعلي رأسها السعودية مع الكيان الصهيوني ؟!
4- الرئيس الفلسطيني ( محمود عباس ) – صاحب القضية – الذي زار ( القدس ) متوسلاً و متحبباً لنتنياهو ؟ ألم يهرول مسرعاً لحضور جنازة ( شمعون بيريز ) معتبراً إياه ( رجل سلام ) !! فعلاً أنها مهزلة العرب ؟ ولماذا علي إسرائيل أن تحترم حقوق الشعب الفلسطيني ؟
5- التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني : تركيا التي تحدت حصار غزة في 10 أيار من العام 2010 عندما أرسلت سفينتها ( مرمرة ) ، ها هي اليوم تقوم بتطبيع وفتح علاقات تجارية وكذلك السعودية والإمارات وقبلهما قطر ومصر .
ما هي أهمية يوم القدس هذا العام في ظل العاصمة الترامبية في الخليج (الفارسي) والعاصفة الإرهابية في المنطقة ؟ ماذا قدّم محور المقاومة للقضية الفلسطينية ؟
استناداً إلي ما تم تفصيلها أعلاه يمكن القول أن يوم القدس هذا العام هو:
1- التأكيد أن هذه القضية لا يمكن للإدارة الأميركية والكيان الصهيوني شطبها من وجدان الأحرار في المجتمع العربي الإسلامي وحتي الدولي الغربي حتي لو تخاذلت كبري الدول العربية والممالك والإمارات .
2- القضية الفلسطينية كانت وستبقي المحور الأساسي لكل هذا الصراع في المنطقة ، ومهما أصدروا من قرارات أو اشتروا قادات ورموز وذمم فإنّ في فلسطين رجالاً يقاتلون بالحجر ويهزمون دبابة … وهناك أمهات يلدن أطفالاً ليكونوا شهداء .
3- الأهم والمهم هنا ، لن يستطيعوا أن يحرفوا مسار الرؤية لدي القيادة السورية والشعب السوري تجاه القضية الفلسطينية حتي لو دمروا كل سورية … ستبقي سورية حافظ الأسد ، وسورية بشار حافظ الأسد ،وسورية حافظ بشار الأسد داعمة ومساندة وحاضنة ومدافعة عن كل حبة تراب فلسطيني .
4- إحياء يوم القدس هذا العام هو تأكيد علي خط الإمام الخميني الثوري بوجه الظالمين ورداً علي المحاولات الأخيرة الأمنية من خلال محاولة تفجير مرقد الإمام الخميني ، فجاء الرد الصاروخي الإيراني مدوياً وواضحاً ، فلا يراهن الخلجان الترامبيين علي أي خرق داخل إيران : إصلاحيين أو محافظين فكلهم خمينيين .
5- إحياء يوم القدس هذا العام هو إعادة توجيه البوصلة للصراع الحقيقي بعد أن بدأ المشروع التكفيري بالأفول والانهزام .
6- تركت ( حزب الله ) لأختم أنه كسر هيبة الجيش الإسرائيلي في العام 2000 ودمّر دباباته وجنوده عام 2006 أما معركتنا القادمة فقد وعدنا ( سيد الوعد ) أنها ستكون في الجليل … ووعده الصدق .
* رئيس تحرير مرايا الدولية – فادي بودية
انتهي**1369
www.irna.ir