الصفحة الرئيسية / اجتماعية / حكم الاعدام في لبنان : اشكالية النص والتطبيق بين مؤيد ورافض

حكم الاعدام في لبنان : اشكالية النص والتطبيق بين مؤيد ورافض

ابرز هذه الاسباب 'المستهجنة' هو ضرورة توفر التوازن الطائفي في اي حكم ينتظر التطبيق . وهذا ما حصل فعلا في تسعينيات القرن الماضي عندما نفذ حكم الاعدام الاول بعد اتفاق الطائف الذي انهي الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت حوالي خمسة عشرة عام .ومن الاسباب ايضا حاجة مرسوم الاعدام لتواقيع عديدة ابرزها لرئيسي الجمهورية والحكومة . ولا يتردد جزء من هؤلاء في رفض التوقيع انسجاما مع قناعة شخصية رافضة لعقوبة الاعدام وابرز الرافضين رئيس الحكومة الاسبق سليم الحص .
ومن المفيد الاشارة الي ان السلطة القضائية اللبنانية لا تستثني من أزمة فقدان الثقة الحاصلة بين المواطن والدولة اللبنانية ما يجعل الاحكام القضائية موضع تشكيك لدي الراي العام في الكثير من الحالات .
هذا التشكيك تحاول مصادر قضائية تقويضه من خلال التاكيد علن ان احكام الاعدام تصدر بعد سلسلة اجراءات طويلة ومعقدة ما يجعل احتمال الحكم الظالم شبع مستحيل .هذا ما توضحه مصادر قضائية لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية. فحكم الاعدام يمر عبر حوالي 12 قاضي يراجعون الحكم بدءا من النيابة العامة وصولا الي محكمة التمييز مرورا بقاضي التحقيق والهيئة الاتهامية ومحكمة الجناياتومدعي عام التمييز .اما بعد صدور القرار في محكمة التمييز وابرامه بعد النقض فتنظر فيه لجنة العفو في مجلس القضاء الاعلي التي ترفع طلبا باستبداله بعقوبة المؤبد مع الاشغال الشاقة وفي حال رد الطلب يحال الملف الي وزير العدل الذي يصدر مرسوم لتنفيذ الحكم . والمرسوم يحتاج اضافة الي توقيع وزير العدل توقيعي رئيس الحكومة والجمهورية .
وردا علي سؤال حول سبب عدم حصول المراسيم علي التوقيعين الاخيرين توضح المصادر القضائية ان هذه المسألة ليست من اختصاصها وهي تصبح خاضعة بعد انتهاء المسار القضائي للتوازنات والتجاذبات السياسية والطائفية .
ترفض المصادر القضائية اي حديث عن وجود تيارين في السلك القضائي اللبناني واحد مؤيد لاحكام الاعدام واخر رافض لها . وتؤكد ان القضاء اللبناني يحترم النصوص ومن ضمنها نص حكم الاعدام الذي يلجأ اليه القضاة عندما تتوفر الشروط وبعد ان يستفتوا قلوبهم وعقولهم . وتؤكد هذه المصادر انها تؤيد هذا الحكم . فهناك جرائم بشعة وفظيعة يرتكبها مجرمون لا يبدون اي ندم او استعداد للارتداع وبالتالي تصبح عقوبة الاعدام ضرورية للحفاظ علي حياة الناس وعلي التوازن الاجتماعي .
هذا الموقف المؤيد لحكم الاعدام يقابله موقف اخر يرفض الحكم رفضا قاطعا . المتخصص بالعدالة الجنائية الاستاذ الجامعي عمر نشابة من ابرز الرافضين . يؤكد نشابة في حديثه لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان قضية الاعدام في لبنان قضية شائكة ببعدين اجتماعي وسياسي . ويري ان النقطة المركزية التي يجب ان تنفذ قبل اتخاذ اي اجراءات عقابية هي اجراء دراسات علمية لمعرفة مدي تأثير هذه الاجراءات علي سلوك المرتكبين وما اذاكانت ستؤدي الي تراجع في نسب الجريمة . ويشير نشابة الي تجربة ولاية تكساس الاميركية حيث اصر جورج بوش الابن حين كان حاكما لها ،علي تطبيق حكم الاعدام بحق 250 شخص الا ان النتيجة لم تكن انخفاضا في جرائم القتل .
ويري نشابة ان مبرر اللجوء الي حكم الاعدام هو الجانب الردعي . فهناك اعتقاد بان الشخص اذا علم بعقوبة الاعدام قد يرتدع ويمتنع عن تنفيذ جريمته وهذا برأي نشابة امر غير صحيح فعدد كبير من القتلة يكون تحت تأثير المخدرات او الكحول ما يجعلهم بعيدين عن التفكير المنطقي .
لا يكتفي نشابة بتعداد هذه الحجج التي يستند اليها في رفضه لحكومة الاعدام فيضيف فكرة يعتبرها جوهرية وهي ان الجهة التي تصدر عقوبة الاعدام يفترض ان تتمتع بنزاهة متناهية وان تكون اجراءاتها دقيقة وان لا يحتمل القرار اي شك . فالحكم غير الصائب يعني جريمة جديدة.
اما عن قضية الاعدام في لبنان فيعتبر نشابة انها تشبه قضية العفو العام التي ترتفع اصوات كثيرة هذه الايام للمطالبة به . وجه الشبه هو المطالبة بالاجرائين( الاعدام والعفو) دون اجراء الدراسات العلمية الضرورية لمعرفة تأثير تطبيقهما
علي الاوضاع الاجتماعية .ويؤكد الاستاذ الجامعي ان الظروف السياسية هي المحرك الفعلي للمطالبات سواء بتطبيق حكم الاعدام او باصدار مرسوم العفو .
اما الاخطر في لبنان فهو اخضاع عقوبة الاعدام لمنطق التوازن الطائفي . يشرح نشابة ان احكام الاعدام التي نفذت منتصف تسعينيات القرن الماضي حصلت بعد اختيار المجرمين المحكومين بالاعدام بناء علي الفرز الطائفي وهذا غير عادل .
يستعرض نشابة ايضا اوضاع البلاد غير الصحية . فالمجلس النيابي مدد له ثلاث مرات ما قوض مصداقية السلطة التشريعية التي لا تحتكم اصلا الي علم التشريع بل تتحرك انطلاقا من الاعتبارات السياسية والمصالح الشخصية . اهتزاز الثقة بالمجلس النيابي تنعكس تلقائيا علي السلطة التنفيذية المعنية بتطبيق احكام الاعدام . من هنا يسأل نشابة كيف يمكن للشعب اللبناني ان يقبل بقرارات اعدام او عفو تصدر من سلطة لا تتمتع بالشرعية الكاملة وهل يمكن تنفيذ 60 حكم بالاعدام في ظل هذه الظروف ؟
ويلفت المختص بالشؤون الجنائية الي ما ادلي به وزير الداخلية اللبنانية مؤخرا عندما اعترف في مقابلة تلفزيونية بان الدولة اللبنانية فشلت في بناء سجون تأهيلية . يعتبر نشابة هذا التصريح خطير. ويضيف ان الجهود يجب ان تتضافر لاصلاح النظام العقابي ولتحويل السجون الي مكان للاصلاح وليس للانتقام اضافة الي العمل المستمر علي معالجة الظروف الاجتماعية التي تدفع لسلوك جنائي غير اخلاقي وغير سوي .
ويعتبر نشابة ان نقطة الارتكاز في هذا المشروع هي مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين و يتوقف عند قانون العفو العام الذي صدر بعد انتهاء الحرب الاهلية في العام 1990 ويجزم ان العدد الاكبر من الجرائم التي شملها العفو كانت جرائم بدوافع جنائية ومالية ما ساعد علي خلق بيئة مشجعة علي الجريمة .
انتهي**388** 2344


www.irna.ir

تحقق أيضا

مساعد وزير الصناعة: 2200 وحدة صناعية عاطلة ستعود الى عجلة الانتاج

وقال زرندي في تصريحه الخميس خلال جلسة حوار بين الحكومة والقطاع الخاص في محافظة كهكيلوية …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *