الصفحة الرئيسية / سیاسیة / زيارة الوزراء اللبنانيين الي سوريا: العلاقات بين البلدين حتمية

زيارة الوزراء اللبنانيين الي سوريا: العلاقات بين البلدين حتمية

مجلس الوزراء، الذي وافقت مكوناته ودون اي اعتراض علي تعيين سفير لبناني جديد في سوريا خلال جلسة سابقة، انقسم الي فريقين. الاول يعتبر تلبية الدعوة خطوة طبيعية في سياق علاقات لم تنقطع حتي في ذروة التأزم بعد العام 2005 وثاني يرفض التواصل الطبيعي مع دمشق علي خلفية الأزمة السورية التي ضربت سوريا من العام 2011.
وقد تمحور الجدل بين الطرفين حول نقطتين اساسيتين الاولي مرتبطة بما اذا كان الوزراء يحتاجون موافقة مسبقة او اذنا من رئيس الحكومة وهو ما بقي غير محسوم اذ لم يصدر اي موقف واضح من رئاسة الحكومة اما النقطة الثانية فمتعلقة بالمصالح اللبنانية خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية.
فالبلدان شكلا طوال عقود مجالا اقتصاديا واحدا الي درجة الوحدة الاقتصادية والمصرف المركزي الواحد والمؤسسات الاقتصادية الواحدة التي عرفت بـ'المصالح المشتركة '. ولم يحصل الانفصال الا في العام 1950 الا ان سوريا بقيت وفي كل الظروف حاجة للاقتصاد اللبناني كمعبر ضروري للاشخاص والبضائع الي العالم العربي. وقد حتم التشابك في المصالح علي الدولتين توقيع اتفاقية تجارية في العام 1953 بقيت سارية المفعول حتي تسعينيات القرن الماضي. ومع انتهاء الحرب الاهلية نص الاتفاق علي العلاقات المميزة بين البلدين ما ساهم بتطوير الاتفاقات وانشاء المجلس الاعلي اللبناني السوري.
هذا الوضع استمر حتي العام 2005. حينها تغيرت المعادلة التي حكمت العلاقة بين البلدين. فبعد اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان ساد الانقسام بين الافرقاء اللبنانيين حول العلاقة مع سوريا الا ان القطيعة لم تحصل فبقيت العلاقات الاقتصادية قائمة والعسكرية كذلك وهي وصلت الي ذروتها في معركة نهر البارد التي خاضها الجيش اللبناني في مواجهة احد التنظيمات الارهابية. حينها زود الجيش السوري نظيره اللبناني بالذخائر والاسلحة الضرورية التي ساعدت الجيش اللبناني علي حسم المعركة الصعبة. كما ادت الأزمة الي انشاء علاقة دبلوماسية بين البلدين اثمرت تبادلا للسفراء لا يزال قائما حتي اليوم.
الا ان الازمة التي اثيرت مؤخرا اعادت طرح العديد من التساؤلات حول العلاقة بين البلدين والمصلحة المتأتية من الزيارات خاصة ان الوزيرين المعنيين بالدعوة وهما حسين الحاج حسن وغازي زعيتر قاما بالزيارة فعليا وقد اكدا ان الزيارة تصب في مصلحة الدولة اللبنانية ومن شأنها ان تساهم في ايجاد حلول لملفات عالقة بين بيروت ودمشق.
الوزير السابق سجعان قزي يقارب النقاط الخلافية ويعتبر في حديث لوكالة الجمهورية الاسلامية الايرانية ان زيارة الوزراء الي سوريا غير مطروحة من باب الضرر او الافادة وانما من باب وضعية العلاقات اللبنانية السورية. ويري قزي ان اي زيارة يقوم بها وزير الي دولة ما يتحتم ان يصدر قرار بها من مجلس الوزراء وعلي رئيس الحكومة ان يعطي موقفا واضحا فاما يوافق واما يعارض اما اذا خالف الوزراء قرار رئيس الحكومة فيكون الاخير امام خيارين اما اقالة المخالفين او تقديم استقالته. ويعتبر قزي ان هذا الامر يحصل في الحكومات التي تحترم نفسها اما في لبنان فالحكومة من وجهة نظره مؤلفة من مجموعة دول اقليمية وكل مكون داخلها له سياسته الخارجية والدفاعية المستقلة وهذا ما يعتبره الوزير السابق مؤسفاً.
يلفت قزي الي انه لا يعارض قيام العلاقات مع سوريا ولكنه يتوقف عنذ التوقيت الذي يدعو الي التساؤل خاصة ان هناك اسئلة من قبل الطرف اللبناني وهذه الاسئلة بقيت عالقة ولم تجب عليها الحكومة السورية.
وردا علي سؤال حول الجدوي من الاعتراض علي تلبية وزراء لدعوة سورية في وقت يحتفظ فيه البلدان بالعلاقة الدبلوماسية وبتبادل السفراء يشير قزي الي ان العلاقات الدبلوماسية القائمة بين بلدين لا تفرض تنشيط العلاقات فيما بينهما وهناك دول لديها علاقات دبلوماسية الا ان التواصل مجمد فعليا ويطالب قزي بأسس واضحة للعلاقة بين بيروت ودمشق لانه يعتبر ان المسؤولين السوريين لم يبادروا الي اصلاح العلاقات حسب رايه.
ويستشهد قزي بالعلاقات اللبنانية الايرانية التي لا يعترض او يتحفظ عليها اي طرف في لبنان وان طهران استطاعت ان تكون صديقة لمختلف الاطراف.
اما عن المصالح اللبنانية الاقتصادية والتجارية والتي تتطلب تواصلا وتنسيقا مع الطرف السوري فان قزي لا ينكرها وهو يقر بان العلاقات حتمية بين لبنان وسوريا بحكم الجوار ولا احد ينكر ان باب لبنان الي العالم العربي يمر عبر الحدود مع سوريا وان وهناك مصالح للبنان جراء هذه العلاقة تفوق المصالح السورية لكن هذا يفرض برأي قزي علاقة طبيعية وهذا يتطلب تنقية العلاقات بين الطرفين وتقديم الاجوبة علي الاسئلة اللبنانية.
الا ان قزي يشدد علي ان الزيارة التي يقوم بها الوزيران الحاج حسن وزعيتر هي زيارة رسمية لانهم سيلتقون نظراءهم وسيقومون بنشاطات وسيعقدون اجتماعات مع نظرائهم وسيحضرون معارض اما اصرار اطراف اخري من بينها رئيس الحكومة سعد الحريري علي اعتبارها خاصة فمرده تهرب الاخير من الاستقالة من منصبه.
وجهة نظر قزي تقابلها وجهة نظر اخري تعتبر النقاش في جدوي الزيارة هو انكار للوقائع وتجاهل لمصلحة لبنان واللبنانيين. الكاتب والمحلل السياسي نبيل هيثم يؤكد في حديث لوكالة الجمهورية الاسلامية للانباء ان الاعتراض علي الزيارة يمكن وضعه في خانة النكايات السياسية. فلبنان يقع علي كتف سوريا التي تشكل رئة لبنان اقتصاديا وتجاريا وامنيا وسياسيا وقد اثبتت التجارب التاريخية ان اقفال الحدود السورية يعني اختناق لبنان وان الجغرافيا تحكم البلد الصغير ولا يمكن معاندة حقائقها.
لا يكتفي هيثم بالمعطي الجغرافي يذكر الكاتب في صحيفة الجمهورية بدور سوريا في دعم لبنان في الكثير من المحطات وابرزها دعم المقاومة وصولا الي انجاز التحرير.
ويعتبر هيثم ان الظروف الانية تحتم تعزيزا للروابط التاريخية بين البلدين اللذين يواجهان
اعداء مشتركين من العدو الاسرائيلي الي الجماعات التكفيرية وهما مستهدفان من قبل العدو الاسرائيلي والتكفيري.
ويحسم هيثم ان زيارة الوزراء الاخيرة ستصب في مصلحة لبنان اقتصاديا وامنيا وسياسيا وعسكريا ويقلل من فعالية وجدوي المعترضين الذين يصف مواقفهم بالشغب السياسي مؤكدا ان المعترضين وحين كانوا اقوياء لم يستطيعوا فرض القطيعة مع الجار الوحيد للبنان اما الان فان المنتظر تعزيز العلاقات في ظل موازين قوي جديدة تصب في مصلحة الدولة السورية وحلفائها في الداخل اللبناني.
انتهي**388 ** 2342

www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *