
وغري سيك الذي هو أحد الموقعين علي الرسالة الأخيرة التي وجهها عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين السابقين في البيت الابيض دعموا خلالها الإتفاق النووي مع ايران صرّح خلال مقابلة خاصة أجراها معه مراسل وكالة إرنا بأنّه شخصياً وبصراحة تامة يعارض أية حرب جديدة تُشن في الشرق الاوسط حتي لو كانت ضد ايران.
ورأي سيك بأنّ هذه المجموعة من الخبراء السياسيين وجهت الرسالة الي البيت الابيض لتقول بكل صراحة أنّ الإنسحاب عن الاتفاق النووي يعني الحرب.
وأكّد سيك علي أنّ هذه الرسالة ستترك أثراً علي قرار نواب الكونغرس ومؤسسات إتخاذ القرار الأمريكية مشككاً في تأثيرها علي سياسة ترامب الذي أعلن في 12 من اكتوبر 2017 استراتيجية حكومته الجديدة المناهضة لايران والتي لم يقر خلالها بالالتزام بالاتفاق النووي فضلاً عن تهرب الكونغرس عن مهمة إتخاذ القرار بشأن البقاء أو الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي و رميه الكرة في ملعب البيت الابيض.
وتطرق سيك الي مطالبة ترامب بإدخال تعديلات علي بنود الاتفاق النووي والي تهديده بالخروج منه إن لم يتم تغيير بعض بنود الاتفاق مشيراً الي مساندة الاتحاد الاوروبي والمنظمة الامم المتحدة والصين وروسيا لهذا الاتفاق المختوم بختم مجلس الأمن.
وكانت ايران قد أعلنت سابقاً عن إمتلاكها خيارات تواجه بها خروج الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي بحيث ستلجأ اليها عند الضرورة.
فجميع هذه المواقف الدولية جعلت 118 من الشخصيات السياسية والعسكرية الامريكية تصدر بياناً مشتركاً موجهاً الي دونالد ترامب طالبت فيه بالبقاء في الإتفاق وعدم الانسحاب منه.
كما أكّد البيان علي الإحتفاظ بقنوات اتصالية مع ايران ومواصلة العلاقات المتقاربة مع الدول الاوروبية وتعزيز الموقف الداعم للتفاوض مع بيونغ يانغ والحؤول دون التلاعب والمخاطرة بالسمعة السياسية الأمريكية.
وقد سمّت الجهة المصدّرة للبيان نفسها بالائتلاف الوطني للحد من السلاح النووي الايراني التي رأت الانسحاب من الاتفاق النووي لايخدم أيّاً من تطلعات الأمن القومي الأمريكي.
ورداً علي سؤال عن إمكانية توظيف تعيين مايك بمبيو لمنصب وزارة الخارجية وبولتون لمنصب مستشار الأمن القومي لأغراض واردة في إطار الحرب النفسية قال سيك: إننا نعلم جيداً أنّ هاتين الشخصيتين قد اتخذتا موقفاً حاداً ضد ايران مسبقاً ولعلهما الآن ينتهجان اسلوباً من أساليب الحرب النفسية للضغط علي ايران وعلي دول اُخري لتشارك واشنطن الرأي بشأن ايران لكن المشكلة هنا أنك لو أطلقت تصريحات مهددة ولم تجنِ منها شيئاً ستنجر الي الحديث عن حروب وتزيد من الفجوة بين مواقفك الدبلوماسية والحربية.
وأضاف العضو السابق في مجلس الامن القومي الامريكي بأنّ هذه السياسات مقلقة للغاية فلاتعتقدوا بأنّ ما يطلقه ساسة الدول مجرد مواقف فارغة تأتي للتوظيف الإعلامي فحسب. فانتهاج رؤية كهذه تجاه خطاب الساسة وأصحاب القرار أمراً خاطئاً.
و رداً علي سؤال حول ما صرّح به بولتون حول ضرورة قصف ايران ودلالات ذلك، قال سينك: أعتقد بأنّ معظم أعضاء الحكومة في البيت الابيض يعتبرون موقفاً كهذا فاقداً لأية جدوي ويعارضونه لأنهم أعلم بعدم خروج قرار كهذا بنتيجة قد تغيّر الموقف الايراني.
ولفت سيك الي أنّ ترامب إن أعلن في ال12 من مايو انسحابه عن الاتفاق النووي من جانب واحد سندخل جميعاً في طريق ينتهي الي حرب عسكرية وهذا مقلق للغاية.
وعن الموقف الاروربي المحتاط قال استاذ العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا: إنّ الدول الاوروبية عالقة بين خيارين صعبين أحدهما يتمثل في صيانة الاتفاق النووي من المخاطر المحدقة به، الأمر يمكن بلوغه إنما نجاح الاوروبيين في ذلك يعود الي نوعية التصرفات والقرارات الايرانية.
وأشار سيك الي وجود خلاف بين الاوروبيين حول مدي مواجهة دولهم للولايات المتحدة فهناك شركات اوروبية ناشطة في ايران كشركة توتال التي ستضغط علي حكومة بلدها لتسوية وحسم القضية إن قامت واشنطن بوضع حظر ثانوي ضد بعض الدول الاوروبية.
وأعرب سيك عن إعتقاده بأنّ دول اوروبا سوف لن تبتسم لترامب إن انسحب عن الاتفاق النووي وفي نفس الوقت لن تعارضه جهاراً كي لاتتعرض مصالحها السياسية والاقتصادية لخطر وستبدي ردود فعل متسمة بالحيطة والحذر.
هذا وأكد سيك عن أنّ خروج واشنطن عن الاتفاق النووي سيفرز نتيجتين أولهما عدم إمكانية الثقة بالولايات المتحدة والثانية دفعُ ايران أكثر فأكثر نحو دول الشرق خاصة روسيا والصين.
ورداً علي سؤال مراسل إرنا حول التناقضات الواضحة في ما يطلقه ترامب من تصريحات في مجال السياسة الخارجية قال سيك: إنني عملتُ 40 سنة مع دول امريكية مختلفة لم أر خلالها هذا النوع من التناقض فهو جديد من نوعه، ففي أيام الانتخابات كان هذا الرئيس يتحدث عن ضرورة الإهتمام بالشأن المحلي ويعارض شن الحروب لكنه بعدها غير مواقفه.
هذا ورأي المسؤول الأمريكي السابق في مجلس الأمن القومي بأنّ ترامب يعاني من مشكلة في إتخاذ قرارنهائي إزاء البقاء أو الانسحاب من الاتفاق النووي معتقداً بأنّ ترامب في ال12 من مايو قد يتخذ طريقاً وسطاً أساسه عدم الانسحاب من الاتفاق إنما دون إبداء مشاركة فيه ما سيؤدّي في نهاية المطاف إلي تدنّي مستوي فاعلية الاتفاق وجعله عُرضة للأخطار فضلاً عن عرقلته للنشاطات الاقتصادية في ايران مذكّراً ثانية بأنّ الإنسحاب من الاتفاق قد يعني الحرب.
ورداً علي سؤال حول تقييمه موقف واشنطن من سوريا وإمكانية ابتزاز السعودية عبر الملف السوري قال: إنّ الابتزاز هنا مفردة مبالغ فيها والصحيح هو أنّ نزعة ترامب هي نزعة تجارية تبادلية. فالولايات المتحدة توفرغطاء أمنياً لحلفائها وأصدقائها في الشرق الاوسط مقابل أن يدفعوا لها.
وعن مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية رأي سيك وجود رؤيتين إحداهما تجارية والثانية عقائدية في هذا الشأن فالسعودية بلد غني جداً تجارياً عليه تعويض الخدمات التي تقدمها له واشنطن عبر صفقات أسلحة وفي المقابل نظراً الي إعتبار ترامب ومن معه، ايران خطراً كبيراً علي المنطقة فهنالك محاولات لتأسيس تحالف اقليمي ضد ايران يتكون من الدول العربية و'اسرائيل' يهدف الي ترويض ايران والحد من تصرفاتها.
وأعرب سيك عن إعتقاده بأنّ الرياض سوف لن تغير من موقفها إزاء الحرب التي شنتها ضد اليمن رغم تغيير مواقفها إزاء قطر ولبنان ويجب أن ننتظر ونري ما ستؤول اليه سياسات هذا البلد والتحولات التي نشهدها في الداخل السعودي.
إنتهي** ع ج** 1837