
وفي بيان صادر عن مكتبه، القاه عبر منبر صلاة الجمعة العبادية-السياسية من الصحن الحسيني الشريف، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، اكدت المرجعية انه ينبغي بيان أمور ثلاثة، اولا 'لقد سعت المرجعية الدينية منذ سقوط النظام الاستبدادي السابق في ان يحلّ مكانه نظامٌ يعتمد التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر الرجوع الي صناديق الاقتراع، في انتخابات دورية حرّة ونزيهة، وذلك ايماناً منها بانه لا بديل عن سلوك هذا المسار في حكم البلد إن اريد له مستقبل ينعم فيه الشعب بالحرية والكرامة ويحظي بالتقدم والازدهار، ويحافظ فيه علي قيمه الاصيلة ومصالحه العليا'.
واضاف البيان 'من هنا أصرّت المرجعية الدينية علي سلطة الاحتلال ومنظمة الامم المتحدة بالإسراع في اجراء الانتخابات العامة لإتاحة الفرصة امام العراقيين لتقرير مستقبلهم بأنفسهم، من خلال اختيار ممثليهم المخوَّلين بكتابة الدستور الدائم وتعيين اعضاء الحكومة العراقية'.
وتابع البيان، 'واليوم وبعد مرور خمسة عشر عاماً علي ذلك التاريخ لا تزال المرجعية الدينية عند رأيها من ان سلوك هذا المسار يُشكّل ـ من حيث المبدأ ـ الخيار الصحيح والمناسب لحاضر البلد ومستقبله، وانه لا بد من تفادي الوقوع في مهالك الحكم الفردي والنظام الاستبدادي تحت أي ذريعة او عنوان'.
واستطرد البيان 'ولكن من الواضح ان المسار الانتخابي لا يؤدي الي نتائج مرضية الا مع توفر عدة شروط، منها: أن يكون القانون الانتخابي عادلاً يرعي حرمة اصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها. ومنها: أن تتنافس القوائم الانتخابية علي برامج اقتصادية وتعليمية وخدمية قابلة للتنفيذ بعيداً عن الشخصنة والشحن القومي او الطائفي والمزايدات الاعلامية. ومنها: أن يُمنع التدخل الخارجي في أمر الانتخابات سواء بالدعم المالي أو غيره، وتُشدّد العقوبة علي ذلك. ومنها: وعي الناخبين لقيمة اصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد فلا يمنحونها لأناس غير مؤهلين ازاء ثمن بخس ولا اتّباعاً للأهواء والعواطف او رعايةً للمصالح الشخصية او النزعات القَبلية او نحوها'.
واكد البيان 'ان الاخفاقات التي رافقت التجارب الانتخابية الماضية ـ من سوء استغلال السلطة من قبل كثيرٍ ممن انتخبوا او تسنّموا المناصب العليا في الحكومة، ومساهمتهم في نشر الفساد وتضييع المال العام بصورة غير مسبوقة، وتمييز أنفسهم برواتب ومخصصات كبيرة، وفشلهم في اداء واجباتهم في خدمة الشعب وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه – لم تكن الا نتيجة طبيعية لعدم تطبيق العديد من الشروط اللازمة ـ ولو بدرجات متفاوتة ـ عند اجراء تلك الانتخابات، وهو ما يلاحظ ـ بصورة او بأخري ـ في الانتخابات الحالية أيضاً، ولكن يبقي الامل قائماً بإمكانية تصحيح مسار الحكم وإصلاح مؤسسات الدولة من خلال تضافر جهود الغياري من ابناء هذا البلد واستخدام سائر الاساليب القانونية المتاحة لذلك'.
والامر الثاني الذي ورد في بيان المرجعية 'ان المشاركة في هذه الانتخابات حق لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية، وليس هناك ما يُلزمه بممارسة هذا الحق الا ما يقتنع هو به من مقتضيات المصلحة العليا لشعبه وبلده، نعم ينبغي ان يلتفت الي ان تخليه عن ممارسة حقه الانتخابي يمنح فرصة اضافية للآخرين في فوز منتخبيهم بالمقاعد البرلمانية وقد يكونون بعيدين جداً عن تطلعاته لأهله ووطنه، ولكن في النهاية يبقي قرار المشاركة او عدمها متروكاً له وحده وهو مسؤول عنه علي كل تقدير، فينبغي أن يتخذه عن وعي تام وحرصٍ بالغٍ علي مصالح البلد ومستقبل ابنائه'.
والامر الثالث الذي ورد في البيان 'ان المرجعية الدينية العليا تؤكد وقوفها علي مسافة واحدة من جميع المرشحين ومن كافة القوائم الانتخابية، بمعني أنها لا تساند أيّ شخص أو جهة أو قائمة علي الاطلاق، فالأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم بعد الفحص والتمحيص، ومن الضروري عدم السماح لأي شخص او جهة باستغلال عنوان المرجعية الدينية أو أيّ عنوان آخر يحظي بمكانة خاصة في نفوس العراقيين للحصول علي مكاسب انتخابية، فالعبرة كل العبرة بالكفاءة والنزاهة، والالتزام بالقيم والمبادئ، والابتعاد عن الاجندات الاجنبية، واحترام سلطة القانون، والاستعداد للتضحية في سبيل انقاذ الوطن وخدمة المواطنين، والقدرة علي تنفيذ برنامج واقعي لحلّ الأزمات والمشاكل المتفاقمة منذ سنوات طوال'.
ولفت البيان الي ان 'الطريق الي التأكد من ذلك هو الاطلاع علي المسيرة العملية للمرشحين ورؤساء قوائمهم ـ ولا سيما من كان منهم في مواقع المسؤولية في الدورات السابقة ـ لتفادي الوقوع في شِباك المخادعين من الفاشلين والفاسدين، من المجرَّبين أو غيرهم'.
وقد لقي بيان المرجعية الدينية في النجف الاشرف ترحيبا كبيرا من كتل وقوائم وشخصيات سياسية عديدة، وتأكيدا علي الالتزام بما تضمنه من نصائح وتوجيهات.
ومن بين ابرز الكيانات التي عبر عن ذلك الموقف، تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والمجلس الاعلي الاسلامي العراقي، وحزب الدعوة الاسلامية، وتحالف سائرون بزعامة السيد مقتدي الصدر، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وتيار الحكمة الوطني.
ولم يتبق علي موعد اجراء الانتخابات البرلمانية العامة في العراق سوي اسبوع واحد، بمشاركة 6898 مرشحا يتنافسون علي شغل 329 مقعدا في 18 محافظة عراقية، وتعد هذه الانتخابات هي الرابعة لاختيار مجلس النواب، منذ الاطاحة بنظام صدام قبل 15 عاما، مضافا اليها انتخابات الجمعية الوطنية مطلع عام 2005، والاستفتاء علي مشروع الدستور الدائم في الـ 15 من شهر تشرين الاول-اكتوبر من نفس العام.
انتهي ع ص ** 2342