
وفي مقال له تحت عنوان 'لماذا ينبغي علي العراق رفض العقوبات الاقتصادية ضد ايران'، اكد الكاتب والصحافي العراقي عادل الجبوري، 'ان ذلك الموقف الرافض لم ينطلق من فراغ، ولم تحكمه وتفرزه عواطف وانفعالات عابرة، ولم ينطلق من قاعدة 'عدو عدوي صديقي'، بقدر ما تأسس علي حقائق ومعطيات وحسابات، قانونية وسياسية واقتصادية وانسانية، فمن زاوية قانونية، لم تستند العقوبات الاقتصادية الاميركية ضد ايران، علي اساس قانوني دولي، فهي لم تصدر من قبل مجلس الامن الدولي-رغم الهيمنة الاميركية عليه نسبيا-ولا من اية جهة تابعة لمنظمة الامم المتحدة، ناهيك عن انه لم تكن هناك مبررات ودواع مقبولة ومنطقية لتلك العقوبات، تنسجم وتتوافق مع ما جاء في ميثاق الامم المتحدة، بخصوص تهديد الامن والسلم العالميين وكيفية التعاطي مع من يتسبب بذلك'.
ويشير الكاتب المذكور الي انه 'من زاوية سياسية، يرتبط العراق بعلاقات عميقة واستراتيجية مع ايران، وهناك قواسم مشتركة عديدة بين الطرفين، ولعل علاقات بغداد-طهران كانت خلال الخمسة عشر عاما المنصرمة، الاكثر تميزا من بين علاقات بغداد مع العواصم الاخري في محيطها الاقليمي وعموم الفضاء الدولي، وكان لمواقف طهران الايجابية البناءة حيال ما تعرض له العراق من تهديدات ومخاطر وتحديات امنية، لاسيما الدعم الايراني الكبير –عسكريا وسياسيا واعلاميا ولوجيستيا- للعراق عندما تعرض للعدوان الداعشي التكفيري صيف عام 2014، الاثر الكبير في تسريع هزيمة داعش وتخليص البلاد منه، فضلا عن ذلك، فأن طهران كانت-ومازالت-داعمة لبغداد في مختلف المحافل الاقليمية والدولية بما يساعد علي عودته الي المجتمع الدولي بعد اعوام من العزلة والحصار والغياب'.
اما من زاوية اقتصادية، فيؤكد الجبوري، 'ان العراق يشترك مع ايران بحدود برية تمتد من اقصي الشمال الي ادني الجنوب، ولمسافة (1458 كم)، وهذا يعني ان العلاقات والمصالح الاقتصادية بين الطرفين كبيرة ومتشعبة ومتداخلة في عناوينها ومجالاتها، ولعل ما يؤكد ذلك هو حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين، الذي ناهز العشرة مليارات دولار، والي جانب ازدهار السوق العراقي بمختلف السلع والبضائع الايرانية، وتصدير الوقود والكهرباء الي العراق، هناك الكثير من الشركات الايرانية، التي تعمل وتستثمر في سوق العمل العراقي بمحافظات الجنوب والوسط والشمال، ومن خلالها تتوفر الاف الفرص للمواطنين العراقيين، وكذلك فأن حركة السياحة الدينية تدر علي الجانبين موارد مالية ضخمة، مضافا اليها السياحة الطبيعية-الترفيهية، فضلا عن مجالات الدراسة والعلاج الطبي'.
ويضيف الكاتب في مقاله بعدا اخرا للعلاقات بين بغداد وطهران، يتمثل بالبعد الانساني، الذي يشدد علي ضرورة 'ان يكون حاضرا بقوة في اذهان العراقيين، لانهم حينما يتخذون موقفا ما حيال عقوبات ترامب علي ايران ، وما يمكن ان تتركه من اثار سلبية علي ملايين المواطنين الايرانيين، عليهم ان يستحضروا الصور والمشاهد المؤلمة جراء الحصار الاقتصادي الظالم، الذي فرضته اميركا وحلفائها علي الشعب العراقي في صيف عام 1990، جراء حماقات نظام صدام وسلوكياته العدوانية، لتتركه يئن تحت وطأة ذلك النظام الاستبدادي لثلاثة عشر عاما متواصلة، مازالت بعض اثارها ومخلفاتها المادية والنفسية قائمة وموجودة حتي الان'.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول 'بلا ادني شك، فأن المواقف التي يتم اتخاذها علي ضوء كل الحقائق والمعطيات، تكون هي المواقف العقلانية الحكيمة المتوازنة، التي تحافظ علي مكانة الدول، وتصون مصالحها، وتديم مسارات علاقاتها الصائبة مع اصدقائها وحلفائها، قريبون كانوا هؤلاء الاصدقاء والحلفاء ام بعيدين'.
انتهي ع ص ** 1718