solhkhabar
مِن غَير المُعتَقد أن يَحصُل الرئيس التركي علي إجابةٍ عَن أيِّ مِن السُّؤالين مِن القِيادَة السعوديّة في المُستَقبل المَنظور علي الأقَل، وهِي التي رَفَضَت بالأمْس، وعلي لِسان وزير خارجيّتها عادل الجبير طَلَب سابِق لأنقرة تسليمها 18 سعُوديًّا يُشتَبه في تَورُّطِهِم في الجريمة لمُثولِهم أمام القَضاء التُّركيّ.
السيد الجبير قال أنّهم مُواطُنون مَوقوفون في السعوديّة ويَخضَعون للتَّحقيق، وهَذهِ حُجج “غير مُقنِعة” وقد تُؤدِّي إلي تَصعيدٍ تُركيٍّ، ودَفَع الرئيس أردوغان لـ”تَدويلِ” هَذهِ القضيّة مِن خِلال اللُّجوءِ إلي المُطالَبة بتَشكيلِ فَريقِ تَحقيقٍ دَوليٍّ، والذِّهاب إلي مَحكَمة الجِنايات الدوليّة في نِهايَة المَطاف.
الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب التَزَمَ الصَّمت المُطبِق طِوال الأيّام الأربَعة الماضِية تَقريبًا، ويَتردَّد في أوساط إعلاميّة أمريكيّة أنّ هذا الصَّمت عائِد إلي دلائِل مُؤكِّدة حملتها إليه جينا هسبل، رئيسَة جهاز المُخابرات المَركزيّة (سي أي إيه) بعد زِيارة لأنقرة، تتضمّن تسجيلات صوتيّة تُؤكِّد إعدام الفَريق الأمنيّ السعوديّ لخاشقجي في القُنصليّة، وتَكشِف هُويّة مِن أعطَي الأوامِر بالقَتل، وتَدور الشُّبُهات حول الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد.
جيم ماتيس، وزير الدفاع الأمريكيّ، الذي شارَكَ في اجتماعات حِوار المَنامة الاستراتيجيّ عكس مَوقِف رئيسه ترامب بَطريقةٍ مُوارِبةٍ عِندما وصف مَقْتَل خاشقجي في تَصريحاتٍ صحافيّة بأنّه يُؤثِّر علي أمن المِنطَقة واستقرارِها”، وأضاف في إشارةٍ غير مُباشرةٍ إلي السعوديّة “عِندما تتوقَّف دولة عَن احترام المَعايير الدوليّة والقانون، فإنّها تُقوِّض الاستقرار الإقليميّ”، وطالَب بتَحقيقٍ شفّافٍ في هَذهِ الجَريمة.
رُبّما تكون زيارة بنيامين نتنياهو إلي سَلطَنة عُمان قبل ثلاثة ايام حوّلت الأنظار عن هَذهِ الجَريمة، ولكن تأثيرَها يَظَل مُؤقَّتًا، لأنّ الرئيس أردوغان ما زالَ يُحتَفظ بالكَثير مِن الأوراق التي ستُؤدِّي حتمًا، في حالِ الكَشفِ عنها، إلي إعادَتها إلي العَناوين الرئيسيّة، خاصَّةً أنّ صحيفة “الواشنطن بوست” التي كانَ الضحيّة أحد كُتّاب أعمِدَتها، باتَت رأس الحِربة في هذا الإطار، وتُسارِع بنَشرِ أيِّ تَسريباتٍ حول أدِلَّةٍ جَديدةٍ.
كَشْف القِيادة السعوديّة عن مَكان الجُثّة، والعَميل التركيّ الذي تَسلّمها مَلفوفةً في سجّادة، وِفق البيان الرسميٍ السعوديّ، سيتأخّر كثيرًا، لأنّه سَيكون الفَصل الأكثَر إثارةً في مُسلسل التَّسريبات، وممّا يُرجِّح نظريّة تقطيعها، ورُبّما إرسال الرأس إلي الرياض، فأيُّ كَشفٍ عن تَقطيع الجُثّة ينْسِف نظريّة “القَتل غير المُتَعمَّد” التي أصرَّ عليها البَيان السعوديّ المَذكور آنِفًا.
الضُّغوط علي الرئيس أردوغان للكَشفِ عمّا في جُعبَتِه مِن أدلَّةٍ جديدةٍ تبدو أكبَر بكَثير مِن الضَّغط علي الجانِب السعوديّ في الوقتِ الراهن علي الأقل، ولذلِك نَتوقَّع مُفاجآت وتَسريبات جَديدة في هذا المَلف في الأيّام القليلةِ القادِمَة.
مَن يُراهِن علي عامِل الوقت لدَفنِ هَذهِ الجَريمة، وتَراجُع الاهتمام بِها، يَرتَكِب خًطَأً جَسيمًا، فما زالَت الأُمور في بِداياتِها.. وأردوغان أعْلَم.
“رأي اليوم”
انتهي ** 1837