الصفحة الرئيسية / سیاسیة / هل تجدي سياسة 'تقبيل اللحي' نفعاً مع ترامب؟

هل تجدي سياسة 'تقبيل اللحي' نفعاً مع ترامب؟

لسنا هنا بصدد التطرق الي ماهية وطبيعة “السلام والامن والرخاء” الذي يقصده الجنرال عشقي المعروف عنه انه من اكثر الدعاة للتقارب مع “اسرائيل” لمواجهة ايران، كما لسنا هنا بصدد الحديث عن حقيقة “السلام والامن والرخاء” الذي يمكن ان يساهم شخصية مثل ترامب في ارسائه في المنطقة، الا اننا سنتناول موضوع الثقة العمياء التي توليها بعض الدول بشخصية نزقة ومتعجرفة وعنصرية ولا يمكن التكهن بتصرفاتها مثل شخصية الرئيس الامريكي دونالد ترامب.
بعد ايام قليلة جدا من الزيارة التي قام بها ابن سلمان الي واشطن والتي وصفها الاعلام السعودي بـ “التاريخية” واعتبرها عشقي بانها “ستعيد تشكيل الشرق الاوسط علي أسس من السلام والأمن والرخاء”، وبعد ما قيل عن استثمار السعودية لمئات المليارات من الدولارات في امريكا ، قدم 800 شخص من أقارب ضحايا هجمات 11 ايلول / سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، دعوي قضائية جماعية من 135 صفحة إلي المحكمة الاتحادية في مانهاتن، ضد السعودية اتهموها بتمويل تنظيم “القاعدة”.
وجاء في جانب من وثيقة الدعوي ان : ”المملكة العربية السعودية كانت بوجهين. وهي قدمت نفسها علنا أمام الولايات المتحدة وبلدان الغرب الأخري، بمثابة بلاد تقاتل تنظيم “القاعدة” والإرهاب، وفي الوقت نفسه قدمت، كما هو مبين بالتفصيل في هذه الوثيقة، عبر مسؤولين سعوديين لـ”القاعدة” دعما ماليا كبيرا“.
وثيقة الدعوي (هذه) ذكرت أنه لولا دعم العربية السعودية لما تمكن الإرهابيون من تنفيذ هجمات 11 سبتمبر؛ مشيرة إلي أن هذا البلد يتحمل في المحصلة “المسؤولية عن الضرر أمام أصحاب الدعوي القضائية متمثلا في الوفيات والإصابات الناجمة عن هجمات 11 سبتمبر'.
واتهمت الوثيقة جمعيات خيرية سعودية وجهات حكومية في السعودية بإقامة علاقات مع زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن ، كما اتهمت الحكومة السعودية أيضا بأنها كانت علي علم بانتماء ثلاثة علي الأقل من خاطفي الطائرات لتنظيم القاعدة.
هذه الدعوي جاءت بعد ان صادق الكونغرس الأمريكي في وقت سابق علي قانون “العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي”، المعروف اختصارا بـ “جاستا”، ويسمح لأقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر برفع دعاوي أمام المحاكم الامريكية ضد السعودية، التي كان مواطنوها أغلبية بين منفذي تلك الهجمات.
المراقبون يتوقعون ان تحصل شركات المحاماة التي انبرت للدفاع عن اسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر علي تعويضات من السعودية تبلغ قيمتها عدة ترليونات من الدولارات، الا ان هذه التعويضات ستتضاءل امام التداعيات السياسية التي ستتركها القضية علي النظام السعودي.
البعض تصور ان اللوبي السعودي في امريكا قد نجح في تليين موقف الامريكيين من ملف “جاستا” عبر تقديم السعودية التعويضات المطلوبة منها لاسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر بطريقة ما وبعيدا عن القضاء وضحيح الاعلام ، وتوقع هذا اللوبي ان تساهم زيارة ولي ولي العهد السعودي الي واشنطن واطرائه الملفت علي ترامب وقبوله بالاستثمار في واشنطن ، في وضع ملف “جاستا” في الدرج ، الا ان هذا التوقع لم يكن في محلة لسببين ، الاول شخصية ترامب والجشع الامريكي والثاني سذاجة السياسة السعودية.
اذا كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، رفض تمرير قانون “جاستا” وأشهر ضده حق النقض “الفيتو”، إلا أن ترامب يعتبر من اكبر المدافعين عن القانون ومن اكثر المتحمسين لتنفيذه؛ واكد علي موقفه هذا مرارا وتكرارا خلال حملته الانتخابية وبعدها ، فاذا كان ترامب يطالب باثمان باهظة للحروب التي خاضتها بلاده في الشرق الاوسط ، كما يطالب دول الخليج الفارسي وعلي راسها السعودية بتقدم مبالغ ضخمة لامريكا ثمنا لـ“حمايتها ” كما ويطالب بنفط العراق في مقابل الغزو الامريكي لهذا البلد، واتخذ مثل هذا الموقف من الكويت ايضا، فأن مطالبته بتعويضات لضحايا هجمات 11 سبتمبر التي وقعت فوق الاراضي الامريكية ستكون اقوي واشد، بل سيجعل الحصول علي هذه التعويضات علي راس اولوياته، الامر الذي لم تدركه الدبلوماسية السعودية لسذاجتها.
ان اطماع امريكا بثروات شعوب المنطقة ليست من خصوصيات ترامب فقط، بل هي صفة عامة يتصف بها جميع الرؤساء الامريكيين والمؤسسة الحاكمة في امريكا بشكل عام؛ فهذه المؤسسة تري ان لها نصيبا في هذا الثروات وفي قدمتها النفط ، وعلي الانظمة الحاكمة في الدول النفطية ان تتقاسم مع امريكا ثرواتها النفطية، وان الفرق بين ترامب وباقي رؤساء امريكا في هذا المجال يكمن في ان ترامب يطالب بـ “حصة امريكا” بطريقة فجة، بينما من سبقوه من الرؤساء كانوا يحصلون عليها بشكل استثمارات في السوق الامريكية، او ودائع في البنوك الامريكية، او علي شكل صفقات لشراء اسلحة امريكية كاسدة.
ان انتقال امريكا من مرحلة الحصول علي نصيبها من الثروة النفطية السعودية بعيدا عن الاضواء، الي مرحلة المطالبة علنا بهذا النصيب عبر الابتزاز الفج، كان قد تبلور قبل دخول ترامب الي البيت الابيض؛ فقانون “جاستا” تم المصادقة عليه قبل صعود نجم ترامب، الا ان الاخير اعتبر القانون وغيره من القوانين التي قد تُسن تباعا، هو اقصر طريق للحصول علي هذا “النصيب” بعيدا علي اللف والدوران كما كان في السابق، لاسيما بعد الادلة الدامغة التي تم الحصول عليها بشأن تورط اعضاء في الاسرة الحاكمة السعودية في دعم وتمويل الجماعات الارهابية وفي مقدمتها “القاعدة”.
لذلك من السذاجة ان يتصور البعض ان تنجح السعودية بتغيير سير تطورات المرحلة القادمة عبر سياسة “تقبيل اللحي“.
المصدر : شفقنا / بقلم ماجد حاتمي
انتهي ** ح ع **


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *