الصفحة الرئيسية / اجتماعية / عيد الاضحي في العراق.. بين تقاليد الماضي ومتغيرات الحاضر

عيد الاضحي في العراق.. بين تقاليد الماضي ومتغيرات الحاضر

ذه الصورة العامة لاجواء عيد الاضحي المبارك في العراق، تعكس جانبا من منظومة الثقافة الاجتماعية وما تضمنته من عادات وقيم وتقاليد، مازالت قائمة حتي يومنا الحاضر؛ وما طرأ عليها من متغيرات بحكم تحولات العصر وحصول تغير في انماط العلاقات وطرائق التفكير والسلوكيات لاسيما لدي اوساط الشباب.
مقدمات العيد// لاشك ان اجواء عيد الاضحي المبارك الحقيقية في العراق، لاتبدأ صبيحة يوم العيد، وانما قبل ذلك بوقت قصير وربما قبل عدة ايام.
ومن بين تلك المقدمات، يشار الي التبضع وشراء الملابس الجديدة، لاسيما للاطفال والفتيات الصغار، وشراء الحلوي والفاكهة ومستلزمات الضيافة الاخري، الي جانب صناعة الكليجة، التي تمثل الحلوي التقليدية المعروفة في العراق والتي لاتكتمل بهجة العيد بدونها، وغالبا ما يجتمع افراد العائلة علي صناعتها.
وخلال الايام التي تسبق العيد، نري ان مختلف الاسواق تشهد زحاما شديدا بسبب ازدياد حمي التسوق والشراء؛ حيث يطرا ارتفاع واضح علي اسعار مختلف السلع الاستهلاكية.
يشير 'سعد الكلابي'، وهو صاحب متجر لبيع الملابس في احد اسواق العاصمة بغداد الي انه قبل نحو اسبوع او اكثر من حلول عيد الاضحي المبارك، يزداد الاقبال علي التبضع اكثر من اي وقت اخر.
ويشاطر 'كريم السعيد' الذي يملك محلا لصناعة وبيع الحلويات الكلابي الراي؛ حيث يقول ان بيع الحلويات بمختلف انواعها يزدهر قبل وخلال العيد بشكل كبير.
الي جانب ذلك فأن اسعار الماشية (الاغنام والابقار)، هي الاخري ترتفع نسبيا قبل حلول عيد الاضحي، لان الكثير من الاسر تعمد الي ذبح الاضاحي في العيد وتقدمها الي اصحاب الحاجة والفقراء تقربا الي الله واستذكارا لامواتهم.
ولعل من بين التقاليد القديمة التي مازال البعض متمسك بها، تتمثل في استخدام 'الحناء' لتلوين ايادي النساء والاطفال الصغار، ابتهاجا بحلول العيد.
وفي الصباح الباكر من اليوم الاول لايام عيد الاضحي، يتوجه الناس الي مدينة النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، للتشرف بزيارة المراقد والاضرحة الدينية هناك، الي جانب زيارة قبور موتاهم حيث تختلط اجواء بهجة العيد بمشاعر ودموع الحزن علي ذويهم الغائبين.
ولاتقتصر الزيارات علي النجف وكربلاء، فهناك الكثير من مراقد واضرحة الائمة (عليهم السلام) والصحابة الاطهار، التي تتوافد اليها كبيرة من الناس.
وتمثل المشاركة في مراسيم صلاة العيد، احد ابرز الطقوس العبادية-الاجتماعية، خلال عيد الاضحي وعيد الفطر كذلك؛ اذ تزدحم مختلف الجوامع والحسينيات بالمؤمنين منذ ساعات الصباح الاولي، لتكون فرصة بالنسبة للكثيرين من اجل تبادل التهاني والتبريكات، ولعل ابرز العبارات العراقية المتداولة في ذلك، هي 'ينعاد عليكم بالصحة والعافية والافراح والمسرات'، و'عساكم من عواده'، و'ان شاء الله علي جبل عرفات العام المقبل'.
وهناك من يحرصون صبيحة يوم عيد الاضحي المبارك علي القيام بزيارة منازل ابائهم وامهاتهم لتقديم التهاني لهم بالعيد؛ وذلك انطلاقا من مبدأ 'صلة الارحام'، وتعزيز الاواصر الاجتماعية والاسرية.
كما تمنح النقود والهدايا بهذه المناسبة الغراء في اطارم ا يسمي بـ 'العيديات' وهو تقليد متاصل في جذور المجتمع العراقي ولم يطرا عليه اي تغيير منذ زمن بعيد.
ومايجدر التأكيد عليه هنا هو ان عيد الاضحي، يمثل فرصة لتناسي الخلافات وانهاء القطيعة وفتح صفحة جديدة بين اناس كانوا متخاصمين فيما بينهم، سواء كانوا اقارب او جيران او اصدقاء.
ولعل تبادل الزيارات، ونحر الاضاحي في عيد الاضحي، يعني بصورة تلقائية اقامة الولائم من قبل بعض وجهاء العشائر والشخصيات الاجتماعية المهمة، وارباب العوائل والبيوتات المختلفة.
الي جانب ذلك، فأنه لايمكن لاغلب العوائل العراقية، التخلي عن الذهاب الي الحدائق والمتنزهات، نزولا عند رغبة الاطفال الصغار الذين يمرون في اشد حالات الشغف لانفاق ما حصلوا عليه من نقود (عيديات) وشراء العاب التسلية.
ورغم درجات الحرارة المرتفعة نوعا ما خلال هذه الايام في العراق، لكن نجد ان اغلب الحدائق والمتنزهات واماكن التسلية في بغداد والمحافظات تغص بالعوائل العراقية طيلة ايام العيد الاربعة، بل طيلة عطلة العيد التي تمتد حوالي اسبوع.
ولعل في ظل ايقاع الحياة السريع، والمشاغل والالتزامات والضغوطات الكثيرة، بات عدد لايستهان به من العراقيين يستخدمون الفضاء الالكتروني الافتراضي، للتواصل مع من لايتاح لهم الوصول اليهم من الاقارب والاصدقاء والزملاء حيث انه بأمكان الفرد ان يبعث برسائل وبطاقات التهنئة لعشرات – ان لم يكن مئات الاشخاص - خلال وقت قصير جدا، دون ان يعني ذلك التخلي عن التواصل في الفضاء الحقيقي لا الافتراضي.
بعبارة اخري يمكن القول ان تقاليد الماضي امتزجت وتداخلت مع متغيرات وتحولات الحاضر.
والملاحظة الهامة التي تستحق الاشارة هنا، هي ان اجواء عيد الاضحي المبارك في العراق، تمتزج بشكل او باخر مع اجواء عيد الغدير الاغر، بحكم الفترة الزمنية القصيرة بين العيدين، وبحكم وجود مرقد امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، في مدينة النجف الاشرف بالعراق حيث تلقي المناسبة أهمية اكبري علي غرار المناسبات الدينية الاخري في هذا البلد.
انتهي ** ع ص / ح ع

www.irna.ir

تحقق أيضا

مساعد وزير الصناعة: 2200 وحدة صناعية عاطلة ستعود الى عجلة الانتاج

وقال زرندي في تصريحه الخميس خلال جلسة حوار بين الحكومة والقطاع الخاص في محافظة كهكيلوية …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *