الصفحة الرئيسية / دولية / أنباء عن أزمة واسعة فی العلاقات السیاسیة ما بین الجزائر والسعودیة

أنباء عن أزمة واسعة فی العلاقات السیاسیة ما بین الجزائر والسعودیة

و إلى غایة الأربعاء الماضی، کان الحدیث عن فتور فی العلاقات بین الجزائر والریاض ضربا من ضروب الخیال، بحکم العلاقات الشخصیة التی یحتفظ بها رئیس الجمهوریة مع قادة دول منطقة الخلیج الفارسی، لکن فی المیدان والکوالیس الأمر مختلف تماما، وأصبح الکثیر من المتابعین للعلاقات بین أکبر بلدین فی المنطقة العربیة یتحدثون عن أزمة بینهما، بتأثیر من تباین المواقف حول ما یدور فی سوریا والیمن.

 فالجزائر تبنی مواقفها ازاء المواقف المثیرة للجدل فی المنطقة العربیة على مبدأ عدم التدخل فی القضایا الداخلیة للدول الأخرى، وإن تحتم الأمر، فیکون من منطلق البحث عن الحلول السلمیة وجمع الشمل والحوار، بعیدا عن لغة السلاح وتکریس الفرقة.

وما زاد فی حدة الأزمة بین الجزائر والریاض، تباین المصالح الاقتصادیة وبخاصة فی مجال الطاقة، فالجزائر التی تتفق مع أغلبیة منتجی النفط والغاز على ضرورة إعادة التوازن للسوق، بخفض الإنتاج مثلما حدث من قبل، تحمل السعودیة مسؤولیة اختلال السوق، الذی یعود علیها بأزمة خانقة فی الموارد التی تمثل 98 بالمائة من إیرادات المیزانیة وتمویلات المشاریع الإنمائیة التی جمدت، ناشرة معها قلقا اجتماعیا مسببا إرباکا للحکومة.

لکن وراء هذا الکلام، توجد الکثیر من نقاط الاختلاف والخلاف، تجسدت فی تصرفات دالة على ذلک. فرغم الزیارات الخاصة لولی العهد السعودی الأمیر محمد بن نایف، لصحراء الجزائر، فإن التیار لا یمر بین البلدین سیاسیا، علما أن هذا الأخیر یسیر على درب والده وزیر الداخلیة الأمیر نایف بن عبد العزیز، من باب الحرص على علاقة قویة مع الجزائر.

غیر أن، احتضان مجلس التعاون الخلیجی للمغرب فی خضم ثورات الربیع العربی ودعمه فی شتى المجالات، کان بمثابة القطرة التی أفاضت الکأس، وسقطت محاولات تطبیع العلاقة فی الماء.

أول المؤشرات على هذه الأزمة، حسب المتابعین، رفض الرئیس بوتفلیقة استقبال وزیر الخارجیة السعودی، عادل الجبیر، الذی زار الجزائر لساعات قلیلة فی نهایة کانون الاول  الماضی، واکتفى بمقابلة نظیره رمطان لعمامرة، واستقبال من طرف الوزیر الأول عبد المالک سلال. وجرت العادة أن یستقبل بوتفلیقة ضیوف الدولة، خاصة وأن الزیارات تتم بعد تحضیرات تستغرق أشهرا فی أغلب الأحیان !

وفی هذا الصدد، تضمنت تصریحات لعمامرة، عقب جلسة مباحثات مع الجبیر، رسائل مشفرة حول الملفات الخلافیة، أهمها عدم تأثیر الرسالة التی بعث بها الرئیس بوتفلیقة إلى الملک سلمان بن عبد العزیز، فی شباط 2015، حول وضعیة سوق النفط وضرورة التعاون لإعادة التوازن إلیها لما لها من تداعیات سلبیة على أوضاع أعضاء منظمة أوبک التی علیها حمایتهم أولا.

وقبل رمطان لعمامرة، فجر الأمین العام لحزب جبهة التحریر الوطنی عمار سعدانی قنبلة بإقحام نفسه فی شأن دولی بهجوم على السعودیة متهما إیاها بـ"التآمر بمعیة الولایات المتحدة الأمریکیة ضد الجزائر من خلال ضرب أسعار البترول".

فقد جاء على لسان سعدانی ،أن الجزائر لا یمکن أن تضعف أمام هذا المخطط الذی ترعاه أمریکا وتدعمه السعودیة، وذلک ردا على تقارب الجزائر وإیران، بالإضافة إلى رفضها التحالف العربی فی الیمن.

ولیست هذه المرة الأولى التی یدخل سعدانی منطقة محتکرة من طرف الدبلوماسیین، عندما أصدر بیانا لا یصدر إلا فی حالة الخلاف الکبیر وعن وزارة الخارجیة أو الوزارة الأولى أو رئاسة الجمهوریة، لإعلان لقاء جمعه بسفیر المملکة العربیة السعودیة، سامی الصالح، مع الترکیز على عبارة "بطلب منه"، التی تؤشر عند الدبلوماسیین على خلاف بین الطرفین وأن مستعملها لم یکن متحمسا لأی لقاء !

کما أن قیادة الأفالان لم تستعمل هذه العبارة مع السفراء الأجانب، الذین استقبلهم سعدانی لحد الآن، علما أن الریاض استبقت هذه "المشاهد غیر اللائقة" بالعلاقات بین البلدین، بتعیین الدبلوماسی سامی الصالح للعودة إلى الجزائر بصفته سفیرا یحتفظ بعلاقات قویة مع الکثیر من المسؤولین الجزائریین، من أجل إزالة الفتور وتفادی استمرارها.

وفی الأسبوع الماضی، جاءت زیارة الوزیر السوری للخارجیة ولید المعلم، واستقباله من طرف رئیس الجمهوریة، شیء لم یحدث مع رئیس الدبلوماسیة السعودی، وهو ما یؤکد على أن الخلافات تتجاوز مسألة النفط والطاقة، وتطبیعها لن یکون سهلا فی ظل استمرار الأوضاع السیاسیة والأمنیة فی المنطقة العربیة على ما هی علیه واستمرار لغة الاستقطاب بین أجنحتها الشرقیة والغربیة.

وقال حسنی عبیدی مدیر مرکز الأبحاث حول العالم العربی والمتوسط بجنیف، لـصحیفة "الخبر"، إنه "من المؤسف أن تصل العلاقات بین دولتین مهمتین فی النظام الإقلیمی العربی إلى مستوى لا یلیق بهما"، مضیفا أن "التصریحات الجزائریة غیر موفقة لأنها تخدم مصالح دول أجنبیة هدفها عزل الجزائر عربیا وإسلامیا"، کما یرى عبیدی أنه "إذا کانت إیران بقوتها تجنبت التصعید مع السعودیة، فلماذا تصعد الجزائر؟"، لیؤکد أن الجزائر تعثرت فی مواکبة موجة التغیرات فی لیبیا وتونس وفی منطقة الساحل، ولعب دور أساسی لصالح دول أخرى. لم تستثمر الجزائر سیاسیا الجهد العسکری الجبار الذی تقوم به من أجل تأمین الحدود مع تونس ولیبیا، أی أنها مازالت أسیرة عقیدة دوغمائیة لا تتلاءم مع الساعة".

ویعتقد عبیدی أنه "من حق الجزائر أن تخالف السعودیة فی قضایا إقلیمیة، ومن حق الجزائر أن تدافع عن مصالحها العلیا داخلیا وخارجیا، لکن فی صمت وهدوء، الجزائر مؤهلة أکثر من غیرها للعب دور الوسیط النزیه فی لیبیا وبین إیران والسعودیة، بدل الرکض وراء تصریحات لا تتجاوز الاستهلاک الداخلی".

وکالة تسنیم الدولیة للأنباء -

تحقق أيضا

النخالة : سنقاتل العدو الصهيوني حتى تسقط أحلامه وأوهامه

جاء ذلك في كلمة النخالة، امس  الأربعاء، خلال مشاركته بمؤتمر "القدس أقرب" في العاصمة طهران، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *