الصفحة الرئيسية / اجتماعية / لرمضان رائحة يشمها الجزائريون أربعين يوما قبل حلوله

لرمضان رائحة يشمها الجزائريون أربعين يوما قبل حلوله

رمضان عند الجزائريين ليس ركنا من أركان الإسلام وحسب، فقد تحول، بعد 15 قرنا من دخول الإسلام المغرب العربي، إلي مقدس اجتماعي تغلغل في الضمير الجمعي للجزائريين وأصبحت سطوته أكبر من القدسية الدينية. لذلك من النادر جدا بل يكاد يكون مستحيلا، في رمضان، أن تصادف في الجزائر شخصا يأكل، أو أن تجد مطعما مفتوحا. فالشارع الجزائري صائم حتي علي غير المسلم وعلي المسافر والمريض.
يقول الجزائريون 'إن لرمضان رائحة تشمها قبل حلول شهر شعبان'. وسبب ذلك أن التحضير لهذا الشهر الكريم لديهم يبدأ حتي قبل حلول شعبان.
في مدينة الجزائر القديمة المعروفة باسم 'القصبة' (صنفتها اليونيسكو تراثا إنسانيا) تشرع النسوة، قبل حلول شعبان، في إعادة طلاء البيت بالجير، ومن لم يسعفها الحال في إعادة طلاء البيت، تعمل علي غسل البيت. كانت ربات البيت تقول 'إنه لا يمكن الصيام علي وسخ'، وإذا كانت الأمور لم تعد كما كانت عليه سابقا، إلا أنه مازال من العائلات الجزائرية من تغسل جدران البيت كله قبل حلول شهر رمضان.
ولم تكن إعادة الطلاء أو غسل الجدران مقتصرة علي البيوت فقط، فالمساجد كانت تستعد لشهر التراويح بأن يعاد طلاء جدرانها أو غسلها، ويعاد سجادها إن أمكن أو يغسل. وتركب المصابيح الملونة علي مآذنها وقبابها وعلي مداخلها. وكذلك تفعل الزوايا التي كانت منتشرة في أزقة المدينة القديمة 'القصبة'.
خلال أيام شعبان تخرج النسوة إلي أسواق الأواني لاقتناء أواني جديدة لمائدة الإفطار، وكن تحرصن علي اختيار أجمل الأواني الفخارية والزجاجية. ففي ثقافة العائلة بمدينة الجزائر لا يجوز أن تطهي شربة رمضان في قدر السنة الماضية. كما لا يجوز أن تقام سهرة رمضان يدعي إليها الأصدقاء والأحباء وتقدم القهوة أو الشاي في أطقم ينقص منها فنجان أو صحن. وكثيرا ما تتباهي ربة البيت بأوانيها الجديدة أمام جاراتها وصديقاتها وضيوفها.
بعد سوق الأواني التي تتحول كل رمضان إلي محج للنسوة، تتحول الأنظار إلي سوق التوابل والفواكه الجافة. فرائحة المطبخ يجب أن تخترق جدران البيت إلي الخارج، ولا شيء يخرجها غير توابل جديدة أصيلة.
خلال كل أيام شعبان كانت أزقة القصبة المحادية للأسواق الشعبية المختصة في بيع التوابل تكتظ بالنسوة، يغمسن أيديهن في أكياس التوابل، يأخذن منها حفنة، يتحسسنها بين الأصابع، ويقربنها من أنوفهن للتأكد من أصالتها.
وكثيرا ما تتجمع النسوة أمام دكاكين أسواق التوابل تتبادلن خبراتهن في الطبخ، وكل واحدة تطلع الأخري عن طبق معين وطريقة تحضيره. فالقصبة كانت مدينة استقطبت الناس من كل أنحاء البلاد، واستقروا بها في هجرات متتالية، وكانت هذه الأسواق فضاءات للتبادل الثقافي بما فيه ثقافة الطبخ.
انتهي*472** 2344


www.irna.ir

تحقق أيضا

مساعد وزير الصناعة: 2200 وحدة صناعية عاطلة ستعود الى عجلة الانتاج

وقال زرندي في تصريحه الخميس خلال جلسة حوار بين الحكومة والقطاع الخاص في محافظة كهكيلوية …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *