هل ستضمن السلطات السعودية أمن الحجاج الإيرانيين؟

المفاوضات لا تزال مستمرّة نظراً لكثرة المواضيع المطروحة علي الطاولة، وقد جاء في بيان منظمة الحج الإيرانيّة أنّه 'تم خلال الأيام الماضية عقد العديد من الاجتماعات علي مستوي الخبراء من قبل الطرفين المتفاوضين، لبحث ومناقشة الأبعاد المختلفة لقضية حج العام المقبل، إلا أنه وبسبب تشعب المواضيع المتعلقة بهذا الأمر وضرورة متابعتها، فإن المفاوضات لا تزال مستمرة'.
بصرف النظر عن نجاح المفاوضات أو فشلها، رغم أنّنا نرجح الخيار الأوّل بعد أن أدركت السعوديّة جديّة الطرف الإيراني في مطالباته حتي لو كانت النتائج وقف موسم الحج للإيرانيين، تبادل كلا الطرفين العام الماضي الاتهامات بتسييس الحج، وذلك بعد مطالبة طهران للرياض بضمان أمن الحجاج الأمر الذي وضعته الأخيرة في سياق التسييس رغم أن كافّة دول العالم تضمن أمن الرعايا الوافدين إليها.
ويتسم التعاطي السعودي بمزاجيّة واضحة في التعاطي مع مسألة الحجاج، ليس الإيرانيين فحسب، حيث تمنع منذ عدّة سنوات السوريين واليمنيين من التوجّه لأداء شعيرة الحج، وذلك في إطار الضغط علي الحكومات والدول التي تربطها علاقات متوتّرة مع السعوديّة، مقابل رفع حصّة الحجاج للعديد من الدول التي تربطها علاقات جيّدة مع الرياض.
لم تكن إيران الدولة الوحيدة الممتعضة من العبث بأمن الحجاج، فقد أبدت العديد الدول امتعاضها من هذا الأمر لاسيّما بعد تقديم ألاف الحجاج شكاوي عدّة إلي بعثاتهم بسبب سلوك الأمن السعودي، إلا أن امتعاض هذه الدول لم يصل لمطالبة السعودية بتقديم ضمانات لأمن الحجاج، كما فعلت طهران، فهل يكون طلب أي بلد من الدولة المستضيفة ضمان أمن رعاياها سياسياً؟
ولو فرضنا أن حادّثة مني لم تحصل، هل كانت طهران لتقدم علي مطالبة الرياض بهذا الأمر، خاصّة أن السلطات السعوديّة لم تبد أي تعاون يذكر بعد فاجعة مني، بل عمدت وبشكل فوري إلي التكتّم علي عدد الشهداء، ليس ذلك فحسب، بل سارع الملك السعودي سلمان عبد العزيز لإرسال برقية تهنئة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف معبّراً فيها عن امتنانه للأخير بسبب نجاح موسم الحج!
بصرف النظر عن الاتهامات بين إيران والسعودية، إنّ تكرار الحوادث التي يتعرّض لها الحجاج خلال السنوات الأخيرة من فاجعة مني إلي حادثة سقوط الرافعة في الحرم المكي، وما قبلها، يؤكد عجز الرياض عن إدارة الحج، بصرف النظر عن السبب قصوراً كان الأمر أم تقصيراً، لتُطالب السعودية بإيكال مراسم الحج إلي جهة مستقلّة، تكون السعودية أبرز أعضائها إضافةً إلي الدول الإسلاميّة الكبري، كمنظمة التعاون الإسلامية التي تتّخذ من مدينة جدّة السعوديّة مركزاً لها، إلا أن الرياض قد أجابت حينها عبر مندوبها في الجامعة العربية أحمد القطان بالقول إن 'المملكة ستبقي الوحيدة المختصة بتنظيم الحج، دون أي تدخلات خارجية إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها'!
لا ندري حقيقة أين هي المطالبات السياسيّة لإيران في ما يتعلّق بموسم الحج، فهل مثلاً لو طالبت السعودية تركيا بضمان أمن سائحيها تكون هذه المطالبات سياسيّة؟ بالطبع لا، إلا أن الغضب السعودي من الموقف الإيراني في ملفات سياسيّة إقليميّة عدّة بدءاً من سوريا والعراق، مروراً بالبحرين ووصولاً إلي اليمن، دفع بالسلطات السعوديّة لاستغلال المطالبات الإيرانيّة المحقّة بضمان أمن حجّاجها ووضعها في الإطار السياسي.
عوداً علي بدء، قد يتساءل البعض هل ستعود طهران للمطالبة بضمان أمن حجّاجها باعتبار أن هذا الأمر قد يؤدّي إلي توتير الأجواء مجدّداً؟ وزير الثقافة والإرشاد الإيراني رضا صالحي أجاب علي هذا السؤال قائلاً: إن 'سياسة إيران تقضي بإرسال حجاج إلي الحج (هذا العام)، طبعا إذا وافقت السعودية علي شروطنا، مضيفاً: وجهت رسالة إلي وزير الحج السعودي حددت فيها شروطنا (...) إذا قبلوها فسنرسل الحجاج بالتأكيد هذا العام، وإلا فالمسؤولية تقع علي السعوديين'. وما هي هذه الشروط؟ يجيب أيضاً عليها الوزير الإيراني في المقابلة نفسها التي أجراها أمس الأربعاء مع التلفزيون الإيراني: طهران تسعي لضمانات لصون 'كرامة وسلامة' الحجاج قبل أن توافق علي استئناف إرسال الحجيج الموسم القادم، الذي يبدأ أواخر أغسطس/آب المقبل، فهل ستضع السعودية مجدّداً المطالبات الإيرانيّة هذه في الخانة السياسيّة؟
المصدر: الوقت
انتهي** 2344