الصفحة الرئيسية / سیاسیة / عين الحلوة؛ موازين قوي سياسية متداخلة من 'فتح' حتي 'المجموعات الارهابية'

عين الحلوة؛ موازين قوي سياسية متداخلة من 'فتح' حتي 'المجموعات الارهابية'

والقوي المتطرفة المتشددة قويت شوكتها مع بدء الاحداث السورية في العام 2011، حيث بدأت ترتبط بفكر داعش وجبهة النصر، لتدخل علي معادلة المخيم الامنية مجددا بعدما بدلت اسماءها مع مراحل ظهور 'التطرف الاسلامي' منذ عقود، بدء من 'القاعدة' مرورا بـ 'كتائب عبد الله عزام'، 'جند الشام'، 'فتح الاسلام'، ثم تقلصت لتصبح باسماء رموزها مثل مجموعة بلال بدر، اسامة شهابي، شادي صبحة، هيثم الشعبي، رامي ورد، وجمال حمد وسواهم.
انشيء مخيم عين الحلوة في العام 1948، يقع جنوب مدينة صيدا، علي بعد ما يقارب 3 كلم عن قلب المدينة، ويبلغ عدد سكان المخيم حسب اخر احصاء نحو 70 ألف نسمة وتبلغ المساحة حوالي 2 كلم منها ما هو مستأجر من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفسطينين الاونروا مباشرة الدولة اللبنانية لمدة 99 عاما وقلة من اللاجئين يملكون سندات تمليك بعدما عمدوا الي شرائها مباشرة من أصحابها وقد توسع المخيم منذ عقدين ونيف من الزمن حيق أقيمت تجمعات فلسطينية للالاف من اللاجئين النازحين من بيروت والجنوب وحتي الان لا تقدم لها 'الاونروا' أي خدمات وهي تتبع عقاريا أم بلدية صيدا او درب السيم أو المية ومية.
وتداخل القوي الفلسطينية في عين الحلوة تعطيه بعدا سياسيا كبيرا، اذ يعتبر عرفا عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان، فهو المخيم الاكبر لجهة عدد السكان اكثر من 100 الف نسمة، يضاف اليهم اليوم نحو سبعة الاف فلسطيني نازح من سوريا، في مساحة لا تتجاوز الكيلو متر الواحد فقط، ويتميز عن سواه بانه يختصر نسيج كل القوي الفلسطينية والحركات الاسلامية التي تتنوع بين منفتحة ومعتدلة ومتشددة الي حد التطرف والارهاب.
في الاوساط السياسية، يقال ان عين الحلوة برمزيته هو صاحب القرار في السلم الحرب، وهو رمز قضية العودة، لذلك تبقي الاضواء مسلطة عليه من عنوانها السياسي الامني عند اقل حادث لما لها من مؤشرات سلبية او ايجابية علي امتداد باقي المخيمات الفلسطينية والساحة اللبنانية، منه ينطلق الحراك السياسي واليه يفد المسؤولون لرسم خارطة الموقف الفسطيني عند كل محطة مفصلية.لا بل ربما ايضا يأتي تسليط الضؤ عليه اثر هروب العديد من قيادات الجماعات الارهابية من المناطق اللبنانية ولجؤهم الي المخيم عبر طرب خاصة وعلي راسهم الارهابيين شادي المولوي وفضل شاكر اضافة الي الشيخ احمد الاسير الذي تم اعتقاله في مطار بيروت الدولي اثناء محاولته مغادرة لبنان متخفيا او لجهة قيام بعض الجماعات الارهابية فيه بالتخطيط لاغتيال شخصيات لبنانية وفلسطينية او الاعتداء علي قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان.
شهد مخيم عين الحلوة فترات من الصراع الدموي، قبل ان ترسو معادلة 'الامن بالتراضي' اليوم، بعد ان الغي الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 معادلة الاستئثار والتفرد بالقرار الفلسطيني التي كانت تتحكم به حركة 'فتح' بزعامة الرئيس الراحل ياسر عرفات كبري فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، في ذلك الوقت خرجت مجموعة من ابناء المخيم لتشق طريقها بالمقاومة ومن بينها مؤسس 'عصبة الانصار الاسلامية' الشيخ هشام شريدي الذي اغتيل علي يد حركة 'فتح' في التسعينيات بعد صراع طويل سقط فيه الكثير من الدماء بعد الطرفين، حينها وضعت القوي الاسلامية اولي خطواتها علي سلم معادلة المخيم السياسية، اذ شهدت فترة منتصف الثمانينيات نهضة اسلامية لم تكن مأطرة بالكامل في حركات سياسية، يوازيه سطوع نجم حركة 'حماس' في الداخل الفلسطيني في ذات الفترة قبل ان تمتد الي مخيمات لبنان.
التحول الاكبر في معادلة المخيم السياسية، كان عند توقيع اتفاق 'اوسلو' في ايلول عام 1993، بين منظمة التحرير الفلسطينية و'اسرائيل' كبداية تسوية للصراع العربي ـ الاسرائيلي، حينها بدأ نفوذ حركة 'فتح' يضعف محاصرا بقرار سوري واعتقالات سياسية وتقييد حركة مسؤولي 'فتح' انتقاما من التفرد في التسوية، قابله تشكيل اطار فلسطيني جديد عرف باسم 'تحالف القوي الفلسطيني' مدعوما من سوريا ويضم كافة القوي السياسية المعارضة لاتفاق اوسلو' حيث اصبح شوكة في خاصرة نفوذ حركة 'فتح' في المخيم.
علي ان التحول الاخر، هو في منتصف التسعينيات حين تم اغتيال رئيس 'جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية' ـ الاحباش في لبنان الشيخ نزار الحلبي وقيل يومها ان السبب منع وصوله الي مركز مفتي الجمهورية اللبنانية مؤيدا من النظام السوري، فاتهمت 'عصبة الانصار الاسلامية' التي اسسسها الشيخ شريدي بالجريمة، وتواري اميرها احمد عبد الكريم السعدي 'ابو محجن' كمخرج للازمة التي اثارت ضجة كبري علي المستوي اللبناني، بلع السوري 'الموس' بين الرغبة بالاقتصاص وعدم السماح بدخول الجيش اللبناني الي المخيمات لبسط نفوذه، مشكلا 'مظلة' سياسية لان ورقة المخيمات باتت بيده بعد اتفاق 'اوسلو' يحركها متي يشاء مع افول نجم 'العرفاتيين' وبينهما بدأ تضييق الخناف والحصار الامني.
وسط هذا المشهد، قويت شوكة الاسلاميين ، وضعفت حركة 'فتح'، وبدأ نجم حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' يظهر بقوة علي ساحة المخيمات، مستفيدة من الدعم السوري وانتصار مقاومتها في فلسطين وتحديدا في غزة، وقعت عدة اشتباكات بين 'فتح' و'عصبة الانصار'، سقط الكثير من الضحايا الي ان تم الاتفاق علي 'ميثاق شرف' ينظم العلاقة بين الطرفين، عندها قيل ان حركة 'حماس' كانت تدعم خفية 'القوي الاسلامية' وتحديدا عصبة الانصار والحركة الاسلامية المجاهدة التي يرأسها الشيخ جمال خطاب كي تكرس ثنائية المشهد السياسي في المخيم وتكرس قرار التفرد الي الابد بقوة العصبة العسكرية وقوتها السياسية لترسو معادلة الامن بالتراضي اليوم.
ومع انفتاح 'القوي الاسلامية' ودخولها المعترك السياسي العام والانخراط في لجنة المتابعة التي تعني بشؤون المخيم السياسية والامنية والاجتماعية ومد جسور التواصل مع القوي الامنية والسياسية الوطنية والاسلامية اللبنانية، ظهرت مجموعات متشددة متطرفة تعترض علي هذا، انشقت عن 'العصبة' وشكلت اطر لمجموعات محدودة بدءا بالمسؤول العسكري عماد ياسين المرتبط بداعش والذي اعتقلته مديرية مخابرات الجيش اللبناني، العام الماضي بعملية نوعية في تعمير عين الحلوة، مرورا بنجل مؤسس 'العصبة' عبد الله شريدي الذي اغتيل علي يد فتح بعد مرحلة دامية من التصفيات المتبادلة، فخرج من رحمها قيسريا 'عصبة النور'، ثم 'جند الشام'، التي تلاقت مع 'فتح ـ الاسلام' في الشمال في معركتها ضد الجيش اللبناني، ثم 'جبهة النصرة' ثم 'داعش' التي تلاقت مع المتطرفين الذين يقاتلون في سوريا ضد النظام وكلها اسماء لحركات متطرفة متشددة ارادت عدم الانفتاح والتزام التشدد معيارا للتعامل مع كافة القضايا السياسية والامنية والحياتية.
وبين نفوذ 'فتح' و'حماس' السياسي وبين نفوذ 'فتح' و'القوي الاسلامية' العسكري، تتأرجح معادلة المخيم السياسية والعسكرية علي قاعدة 'لا غالب ولا مغلوب' و'الامن بالتراضي'، لتمرير هذه المرحلة الصعبة في ظل افول نجم 'تحالف القوي الفلسطيني' مع أفول الدور السوري في لبنان، ليبرز بالمقابل دور 'جند الشام' و'فتح الاسلام' ومن غير المستبعد ان يتخذا اسم جبهة النصرة الاسلامية امتدادا للمقاتلين في سوريا.
اليوم عين الحلوة، يعيش الامن المفقود نتيجة لهذه الصورة والمعادلة، يتأرجح بين استعادة حركة فتح لنفوذها وقد بدأت بتدريبات عسكرية وتنظيمية من اجل مواجهة مخاطر المجموعات الارهابية التي تريد ان تخطف المخيم الي اجندة غير فلسطينية، مثلما حصل في نهر البارد شمالا، وفي مخيم اليرموك في سوريا وكانت النتيجة تدمير المخيم وتهجير ابنائه ودق اول مسمار في نعش 'حق العودة' علي اعتبار ان المخيمات هي رمز للعودة.
وارتباطا بالمعادلة اللبنانية يخبو الوضع الامني او يرتفع في المخيم، اذ تمارس بعض القوي السياسية او الاجهزة الامنية ضغوطا للتهدئة وعدم تفجير الاوضاع لانها علي قناعة ان الامور قد 'تفلت من عقالها' وتؤدي الي نتائج غير محسوبة، غير ان الكثير من المراقبين يؤكدون ان جولة من الاشتباكات انتهت بين حركة فتح والارهابي بلال بدر علي نتائج غير واضحة ومرضية، غير انها تؤسس لمعركة اكبر قادمة اتية في قابل الايام لا محالة لترسو معادلة جديدة في خارطة المخيم.
انتهي**383** 2344


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *