الصفحة الرئيسية / سیاسیة / من صدام الي إبن سلمان

من صدام الي إبن سلمان

في عام 1979 كانت امريكا بحاجة الي شخصية متسرعة ومتهورة في العراق ، لينفذ مخططها دون تفكير بعواقب ما يفعل ، فوجدت في نائب الرئيس صدام حسين مبتغاها ، فكان مصاب بداء العظمة ، وعرفت امريكا كيف تستغله لخدمة مخططاتها في المنطقة ، بدءا من عدوانه علي الجمهورية الاسلامية في ايران ومرورا بغزو الكويت وانتهاء بسقوط بغداد.
في عام 1979 نحي صدام الرئيس العراقي احمد حسن البكر ، العسكري العجوز ، فالرجل ونظرا لخبرته العسكرية ومعرفته بموازين القوي بين ايران والعراق ، كان يري في شن الحرب علي ايران مغامرة خاسرة ، حتي وان كانت ايران مشغولة بترتيب بيتها الداخلي بعد ثورة شعبية كبري.
مغامرات صدام العبثية صبت بمجملها في صالح 'اسرائيل' ، وادخلت المنطقة وبلدانها وشعوبها في كوارث لم تخرج منها حتي الان ، فكل ما تشهده المنطقة من ويلات اليوم ، هي من تداعيات ونتائج السياسة الرعناء للدكتاتور العراقي صدام حسين ، الذي لم يكن سوي العوبة بيد امريكا والصهيونية العالمية ، في الوقت الذي كان يعتقد هو جازما انه قائد الضرورة.
امريكا تعتقد ان الكوارث التي بدأها صدام لم تأت ثمارها كما تشتهي رغم كل الخراب الذي عم منطقة الشرق الاوسط ، فايران لم تسقط فحسب بل تحولت الي قوة اقليمية عظمي ، ومازال محور المقاومة يقاوم المخطط الامريكي الصهيوني العربي الرجعي ، كما مازال بعض العرب يرفض الاعتراف علانية بعلاقته مع 'اسرائيل' ، كما مازال هدف دمج العرب و'اسرائيل' في تحالف استراتيجي ضد ايران ومحور المقاومة لم يتحقق بشكل كامل بعد ، للوصول الي تصفية القضية الفلسطينية.
من اجل ذلك تعتقد امريكا ان عليها ان تلعب في الساحة السعودية من اجل اكمال ما بدأه صدام ، بهدف الابقاء علي 'اسرائيل' قوية وسط العرب والمسلمين الضعفاء والمتصارعين ، وذلك بعد عثورها علي شخصية شبيهة بشخصية صدام ، وان اختلفت معه في بعض الجوانب ، وهي شخصية الامير محمد بن سلمان ، الذي تمتلك بلاده كل العناصر التي تحتاجها امريكا لتنفيذ مخططها ، مثل المال والقوة العسكرية والاعلامية والسياسية والنفوذ الديني.
من اجل ذلك حرق الامير محمد ، تحت رعاية امريكا ، كل المراحل التي تعتمدها الاسرة الحاكمة في السعودية للوصول الي العرش ، فتجاوز كل امراء ال سعود وحتي ابناء الملك المؤسس ، واصبح وليا لولي العهد ومن ثم وليا للعهد خلال عامين فقط ، وجميع التوقعات تشير الي انه سيتربع علي عرش مملكة ال سعود خلال شهور في اكثر تقدير.
امريكا تري انه لا يمكن للسعودية ان تقيم علاقات علنية مع 'اسرائيل' ، وتدخل معها في تحالف استراتيجي معلن ضد ايران ومحور المقاومة ، وتتجاوز مرحلة التحفظ والعمل من وراء الستار بقوة المال والنفوذ الديني فقط ، مع وجود الجيل القديم من الملوك من ابناء الملك المؤسس ، الذين كانوا ومازالوا يفضلون الابقاء علي هذه العلاقات في الخفاء ، فكان لابد من اختيار احد الاحفاد ، وليس كل حفيد ، كما هو الحال مع محمد بن نايف ، فهذا حتي وان كان احد الاحفاد الا انه كان يري ان من مصلحة السعودية ان تواصل سياستها القديمة المبنية علي السرية واعتماد القوة الناعمة ، بدلا من الدخول في مغامرات عسكرية لا تتحملها السعودية لاسباب معروفة.
امريكيا وقع الخيار علي محمد بن سلمان لاتمام الخراب الذي بدأه صدام ، وللاتيان علي ما تبقي من بلدان ومناطق لم يصلها الخراب الامريكي ، في الوقت الذي يعتقد ابن سلمان ان الاقدار اختارته لحمل 'رسالة' عجز عن حملها كل ملوك السعودية والعرب ، لمواجهة ايران ومحور المقاومة.
لا يختلف اثنان في العالم ، ليس بينهما ابن سلمان طبعا ، علي ان لا 'اسرائيل' ولا امريكا قادرتان علي شن الحرب ضد ايران ، ف'اسرائيل' وامريكا ما كانتا تترددان ولا للحظة واحدة لشن الحرب علي ايران ، لو كان بمقدورهما ذلك ، ناهيك عن الاخرين ومنهم السعودية.
اذا لم ينقذ العقلاء من ال سعود بلادهم عبر انقاذ ابن سلمان من براثن السمسار الجشع ترامب الذي يستغل نقاط ضعف ملك السعودية القادم بطريقة بشعة ، فإن الخراب سيخيم لا محالة علي ديارهم ، لا بسبب الحرب مع ايران ، فمثل هذه الحرب لم ولن تقع ، بل بسبب مغامرات ابن سلمان في المنطقة وارتدادات هذه المغامرات الي الداخل السعودي ، كما ارتدت مغامرات صدام الي داخل العراق ومازالت.
ان امريكا تسعي من خلال استغلال ابن سلمان الي توريط السعودية اكثر في مستنقعات المنطقة ، لضرب عدة عصافير بحجر واحد ، فهي تريد تعميم الخراب علي جميع بلدان منطقة الشرق الاوسط ، وفي مقدمتها السعودية ، وحلب خزائن الدول الخليجية حتي آخر دولار فيها ، وفي مقدمتها السعودية ، والحفاظ علي امن 'اسرائيل' ، والتغطية علي فضائح ترامب في الداخل ، لذا من الحكمة الا يسمح عقلاء ال سعود بتكرار تجربة صدام في بلادهم ، وهم اكثر الناس معرفة بنتائجها الكارثية علي بلدان المنطقة وخاصة علي العراق نفسه.
*ماجد حاتمي
انتهي**1369


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *