الصفحة الرئيسية / سیاسیة / أمريكا وسياسة إطالة أمد الأزمات

أمريكا وسياسة إطالة أمد الأزمات

كان اتصال هاتفي واحد من البيت الابيض يكفي لسحب كل خلاف يمكن ان يطفو علي سطح العلاقات بين الدول العربية وخاصة الخليجية، الا اننا نري اليوم امريكا لا تقوم بهذا الدور فحسب بل تحولت الي عامل رئيسي في بث الفرقة والخلاف بين الدول الحليفة لها علي وجه الخصوص؛ فالازمة الناشبة بين السعودية والامارات والبحرين من جانب وقطر من جانب اخر والتي تهدد مستقبل مجلس التعاون، ما كانت لتطفو علي السطح وتتسع لولا امريكا التي اعلن رئيسها ترامب وبشكل علني انه وراء ما يجري من خلاف بين هذه الدول تحت ذريعة مكافحة الارهاب.
مضي وقت ليس بالقصير نسبيا علي الازمة التي افتعلتها امريكا بين الدول العربية في الخليج الفارسي، دون ان تقوم امريكا باي دور جاد لحل هذه الازمة، بل ان ترامب زاد من تصريحاته الاستفزازية والتي كثيرا ما تصب الزيت علي نار الازمة؛ الامر الذي دعا العديد من المراقبين للتساؤل عن الاسباب الحقيقية وراء هذا الدور السلبي بالمطلق لامريكا ازاء الازمة الناشبة بين اقرب حلفائها في منطقة الشرق الاوسط.
هذا الامر ينطبق ايضا علي الحرب الدائرة في سوريا؛ فدور امريكا يعتبر عاملا تحريضيا علي مواصلة الحرب والدمار في هذا البلد، فكلما لاح في الافق انتصار للجيش السوري يمكن ان يقرب نهاية الحرب علي الجماعات التكفيرية وعلي راسها “داعش” والقاعدة، تتدخل امريكا مباشرة عبر اسقاطها طائرات حربية وطائرات دون طيار، وقصف مطارات وقوات سورية؛ واخر فصول التدخل الامريكي لصالح “داعش” والقاعدة، كان التهديد (الامريكي) لسوريا بسبب ما اعتبرته امريكا وجود نشاط في مطار الشعيرات مماثلا للنشاط الذي سبق قصف خان شيخون بالسلاح الكيمياوي، وهو ما اعتبرته روسيا محاولة امريكية للقيام بعمل استفزازي لمساعدة القاعدة في سوريا واطالة أمد الحرب.
هذه السياسة اتبعتها امريكا مع الخلاف القائم بين جمهورية ايران الاسلامية والمملكة العربية السعودية، وهو خلاف يمكن ان يحدث بين اي دولتين في العالم، كما قد يشهد تصعيدا في احيان كثيرة وقد يتطور الي ما هو اعقد من ازمة، ولكن الدور الامريكي اللافت في هذه الازمة ايضا يقوم علي تعقيدها عبر محاولة توريط السعودية في حرب لا ناقة لها فيها ولا جملا. فالمتتبع للاعلام الامريكي هذه الايام يشعر بضغط المقالات والتحليلات السياسية التي تؤكد جميعها علي ان السعودية وايران تتجهان نحو الحرب، وهي حرب حتمية، فهذه مجلة «فوربس» الأمريكية تكتب بالضرس القاطع أن طهران والرياض تقتربان بسرعة من حرب عسكرية مباشرة، الا انها استبشرت خيرا بتأثير تلك الحرب علي الاقتصاد الامريكي ، فالحرب ستؤدي إلي اختلال في تصدير النفط وعودة أسعاره إلي 100 دولار ، وعندها يمكن لامريكا أن تزيد من كمية إنتاج نفطها الصخري حتي تتمكن من أن تعويض النقص في كمية النفط المعروض للبيع، وأن ذلك سيكون لصالح الميزان التجاري الأمريكي وللاستقرار السياسي في الولايات المتحدة!!
امريكا وبشكل علني تقف وراء كل هذه الازمات التي تعصف بالمنطقة، فهي تحاول بكل ما اوتيت من قوة إطالة آمادها عبر مدها بكل عناصر الاستمرار ، فهذه الازمات تصب بمجملها في مصلحتها ومصلحة “اسرائيل” ، فبها تبتز بلدان المنطقة، وبها تستنزف ثرواتها ، وبها تقسم ما هو مقسم .
ما يجري في منطقتنا من ازمات يستدعي موقفا مسؤولا من قبل حكومات بلدانها لتفويت الفرصة علي امريكا للاصطياد في الماء الذي تحاول تعكيره، وذلك من خلال التوصل الي حلول منطقية لخلافاتها والتفكير جديا بمستقبل شعوبها؛ فالنار التي تحاول امريكا اضرامها في المنطقة لا تحرق سوي بلدانها، اما امريكا فتفصلها عن منطقتنا الاف الكيلومترات، ولن تتضرر بما يجري فيها فحسب بل ستكون من اكبر الرابحين الي جانب “اسرائيل”.
*ماجد حاتمي / المصدر : شفقنا
انتهي ** ح ع


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *