الصفحة الرئيسية / سیاسیة / ما وراء الحظر الأمريكي ضد إيران

ما وراء الحظر الأمريكي ضد إيران

ايران كافحت الارهاب في العراق وسوريا ، بدعوة من الحكومتين العراقية والسورية ، وساهمت دورها في هذا الشان دون سقوط بغداد ودمشق واربيل بيد عصابات “داعش” والجماعات التكفيرية ، وهو دور يأتي علي نقيض دور امريكا الذي يأتي دون تنسيق مع حكومات تلك البلدان ، ويصب عادة في صالح المجاميع التكفيرية وعلي الضد من الحكومات والجهات التي تحارب هذه المجاميع.
من الواضح ان “المجاميع الارهابية” التي تزعم امريكا ان ايران تدعمها في المنطقة ، ليست بالتاكيد “داعش” ولا القاعدة و لا باقي الجماعات التكفيرية الاخري ، بل هي حركات المقاومة الاسلامية في المنطقة وفي مقدمتها حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين ، لانها تهدد امن واستقرار “اسرائيل” وليس المنطقة كما تدعي امريكا.
من الواضح ايضا ان الهجمة الامريكية الشرسة التي يقودها الرئيس الامريكي ترامب ضد ايران ، عبر تحشيد الدول ودمجها قسرا في تحالفات اقليمية ودولية ضد ايران ، وعبر فرض عقوبات علي طهران خارج نطاق القانون الدولي ، تعود اسبابها الي الهزائم المنكرة التي لحقت بالجماعات التكفيرية وعلي راسها “داعش” ، علي يد ايران ومحور المقاومة.
منطق الاشياء يحتم علي جميع الدول ومنها الدول الأوروبية ان تكرم المستشارين العسكريين والمقاتلين الإيرانيين بقيادة اللواء قاسم سليماني ، الذين سارعوا إلي تقديم الدعم لحكومات المنطقة في مكافحتها للإرهاب التكفيري وأسهموا في هزيمته ، كما دعا الي ذلك رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الايرانية كمال خرازي في كلمة ألقاها بمركز جتم هاوس البريطاني للدراسات مؤخرا.
الي جانب الهزائم التي منيت بها الجماعات التكفيرية علي يد ايران ومحور المقاومة في المنطقة ، يعتبر انزعاج امريكا ترامب من الأجواء التي سادت العلاقات بين ايران والعالم بعد الإتفاق النووي ، والتطور الحاصل في العلاقات الإقتصادية بين إيران والقارتين الآسيوية والأوروبية من الاسباب التي تفسر المواقف العدائية لامريكا ضد ايران.
ان اعضاء ادارة ترامب لا يقولون الحقيقة عندما يتذرعون بانتهاك ايران لروح الاتفاق النووي ، لفرض عقوبات جديدة ضدها ، فالتزام ايران بالاتفاق النووي وروحه محقق منه بشهادة الوكالة الدولية للطاقة النووية ومنظمة الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والصين والمانيا. ان التزام ايران الكامل بالاتفاق النووي ، اضطر حتي ادارة ترامب للاعتراف رسميا بهذا الالتزام الايراني ، رغم رفض الادارة الامريكية العلني للاتفاق ، الذي اعتبره ترامب خلال حملته الانتخابية وبعدها ، بانه اسوأ اتفاق وقعته امريكا علي الاطلاق.
نقض امريكا للعهود والمواثيق والاتفاقيات التي توقع عليها ، ليس بالامر الجديد ولا يخص ايران فقط ، فقد تخلت امريكا عن اتفاقية باريس للمناخ ، كما تراجهت عن تعهداتها والتزاماتها تجاه كوبا ، وانتهكت العديد من الاتفاقيات الدولية والاقليمية والثنائية ، تحت ذرائع واهية.
الملفت ان ادارة ترامب التي لا تقيم وزنا للقانون الدولي ولا للمواثيق والمعاهدات الدولية ، وتتملص من التزاماتها الدولية بصورة فجة ، وتزعزع بهذه السلوكيات الشاذة امن واستقرار العالم ، تدعي في المقابل زعماتها للعالم وحرصها علي امنه واستقراره ، وتهدد الدول الاخري وتفرض العقوبات عليها ، بذريعة انتهاكها “للقانون الامريكي” و “المصلحة الامريكية“!.
الاتفاق النووي الذي ابرمته ايران مع القوي الست الكبري في العالم والذي تم تاييده من قبل مجلس الامن الدولي ، ليس اتفاقا امريكيا ايرانيا لتتملص منه امريكا بالسهولة التي يعتقدها ترامب ، فهو اتفاق دولي ، جميع الدول التي وقعت عليه ملزمة بتطبيقه ، وان اي انتهاك لهذا الاتفاق وروحه ، كما تنتهكه الان ادارة ترامب ، سيعرض امريكا للعزلة الدولية ، وسيثبت في المقابل للعالم اجمع وخاصة الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين والمانيا ، مدي احترام ايران للمعاهدات والمواثيق الدولية.
ذريعة حقوق الانسان التي كثيرا ما تلجأ اليها امريكا من اجل فرض عقوبات علي ايران ، عندما لا تجد ما تتذرع به ، فهي احدي الذرائع التي تكشف نفاق امريكا الفاضح وتعاملها المزدوج في هذا الشان ، فهي تترصد كل صغيرة وكبيرة في ايران ، البلد الشرقي العريق وصاحب الحضارة الضاربة في اعماق التاريخ ، والذي خاض شعبه اكثر من 35 عملية انتخابية علي مدي 37 عاما ، بينما لا تتجاهل امريكا فحسب بل تدعم ايضا انظمة رجعية قبلية واسرية تعيش خارج التاريخ ، لا اثر لحقوق الانسان ولا للانتخابات ولا لحرية الراي في ظلها ، فقط لان ايران تدافع عن سيادتها واستقلالية قرارها وتدافع ايضا عن الشعب الفلسطيني المظلوم امام العدوان “الاسرائيلي” ، بينما تلك الانظمة انظمة ذيلية سائرة في الفلك الامريكي لا تناصب “اسرائيل” العداء بل تتحالف معه.
اخر ذرائع امريكا وراء فرض العقوبات ضد طهران ، هي الضغط علي ايران لوقف تطوير برنامجها الصاروخي ، الذي تعتبره واشنطن تهديدا لمصالحها وحلفائها في المنطقة ، وينتهك حسب زعمها ايضا خطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي) ، بينما لا يحق لامريكا اتخاذ مثل هذه الاجراءات وفقا للاتفاق النووي، الذي لم تضع اي قيود علي تطوير ايران لبرنامجها الصاروخي التقليدي ، باستثناء الصواريخ التي تصمم لحمل رؤوس نووية ، وهي رؤوس لا تملكها ايران اصلا.
الغريب ان امريكا التي تطالب ايران وقف برنامجها الصاروخي التقليدي الردعي ، يدعو قادتها ومنذ اكثر من 37 عاما الي تغيير النظام في ايران ، ويضعون كل الخيارات ومن ضمنها العسكرية علي الطاولة لتحقيق هذه الغاية ، وتترافق تهديداتهم مع اجراءات عملية تمتد من دعم وتمويل المجاميع الارهابية لضرب امن واستقرار ايران ، وتمر بفرض حظر اقتصادي ظالم شمل حتي الدواء ، وتنتهي بالتدخل في الشؤون الداخلية الايرانية عبر ذرائع “حقوق الانسان” و “محاربة الارهاب“.
ايران التي تتعرض لتهديد من قبل امريكا صاحبة السجل المتخم بالحروب والاحتلال والعدوان ، ضد الشعوب والبلدان الاخري ، لا يمكنها تحت اي ظرف كان ان تتنازل عن قوة الردع التي تمتلكها او تتفاوض حولها ، والتي حالت دون الان من ان تتعرض لعدوان امريكي مباشر، لذلك ستبقي ايران تدافع عن قوة ردعها كما تدافع عن شرفها، وفقا لتصريح القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية اللواء محمد علي جعفري.
المصدر: شفقنا / ماجد حاتمي
انتهي ** 2342


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *