الصفحة الرئيسية / سیاسیة / ما بعد تحرير الجرود.. فاصل استراتيجي

ما بعد تحرير الجرود.. فاصل استراتيجي

الأوضاع أكثر من جيدة في جرود عرسال، تؤكد مصادر ميدانية لـ»البناء»، فمجمل الأراضي التي كانت بأيدي جبهة النصرة باتت بيد حزب الله. ولم يبقَ إلا نحو 10 من مجمل المساحة. نهاية النصرة، وفق المصادر نفسها، قريبة جداً. فعناصرها بعضهم التحق بتنظيم داعش الإرهابي، وبعضهم الآخر هرب وترك نقاط تمركزه. في حين استمرّت أمس، المواجهات المتقطعة وعمليات القنص التي أسفرت عن سقوط شهيدين لحزب الله. وتشير المصادر إلي أنّ إرهابيّي النصرة يتخبّطون. لا يتواصلون مع قيادتهم. كلّ عنصر يقاتل «من راسو».
وبانتظار أن تنتهي المرحلة الأولي وتبدأ المرحلة الثانية ضدّ تنظيم داعش، أكدت المصادر نفسها أنّ حزب الله سيخيّر هذا التنظيم بين الانسحاب أو المعركة. فقرار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حاسم في هذا الشأن «لن يبقي إرهابيون في الجرود». وتتابع المصادر «داعش سيكون محاصَراً من الجهات كلها بعد القضاء علي النصرة. وهناك احتمال أن يوافق علي الانسحاب، لا سيما أنه يدرك أنّ معركته ستكون خاسرة لاعتبارات تتعلّق بالعدد، الحيوية، قدرة المناورة، عدم وجود خطوط إمداد مع انقطاعها مع البادية السورية بعد سقوط تدمر، ضعف بيئته الحاضنة في مخيمات النزوح ولو نسبياً، فهو يملك بيئة أمنية لكنها ليست شعبية كافية.
اذاً المعركة واحدة في جرود فليطة وعرسال وبعلبك والقاع. فالإجهاز علي النصرة ترسيخ للوقائع الحاكمة الجديدة ومنطلق طبيعي للإجهاز علي داعش.
لقد اختار حزب الله، بحسب المصدر السياسي ذات الصلة به، التوقيت المناسب للمعركة. توقيت مركّب. لكنه لا يأتي مرتبطاً بأية حسابات صغيرة. تمّ اختياره كجزء من المعركة الكبري التي تخاض خاصة في مرحلة ما بعد الموصل، وما بعد البادية السورية، وما بعد مناطق خفض التوتر، وربطاً بملف القضاء علي الإرهاب علي مستوي المنطقة من محور إيران – حزب الله – سورية – روسيا.
لا تخضع أجندة حزب الله في اجتثاث إرهابيّي داعش لاعتبارات دولية، إلا إذا كان حزب الله عملياً جزءاً من القرار الدولي بالقضاء علي هذا التنظيم، يؤكد المصدر نفسه. فالتوقيت بالنسبة إليه استراتيجي، يأتي في سياق تكامل أبعاد المعركة من الموصل، إلي سورية، فلبنان.
إنّ مشاركة حزب الله وايران والجيش السوري مع الحشد الشعبي والجيش العراقي بالتطبيقات الأرضية الميدانية لضرب هذا الإرهاب غير مرتبطة بمسألة العقوبات الأميركية ضدّ المقاومة، مع الإشارة إلي أنّ الولايات المتحدة تجهد مع الأكراد وغيرهم لتثبت أنها جزء من المعركة ضدّ الإرهاب، يقول المصدر نفسه.
في التوقيت العملياتي، لا شك في أنّ المعركة المؤجّلة في الخاصرة اللبنانية السورية، بحسب المصدر السياسي، نضج وقتها، كي يتمّ حسمها، في ظلّ الإنجازات في محيط دمشق وتأمين العاصمة. وأيضاً في ظلّ إنهاء ملف الحدود اللبنانية السورية بشكل تامّ. يرتبط هذا الملف بمجموعة استحقاقات تتعلّق بتطور العلاقة اللبنانية السورية في الفترة المقبلة، وبأزمة النازحين، وبالملف الداخلي اللبناني بأبعاده السياسية لإنهاء مرحلة وفتح مرحلة جديدة. كما يرتبط بتأمين السلسلة الشرقية بشكل نهائي ليبقي العدو الإسرائيلي هو الخطر الوحيد. يُضاف إلي كلّ ما سبق إنهاء المفاعيل اللبنانية للاستثمار علي الإرهاب الذي حكم لبنان 5 سنوات ونصفاً وقطع دابره بشكل نهائي، وفتح المدي الحيوي اللبناني السوري علي مصراعيه، ونزع أية شوكة متبقية فيه، فضلاً عن حماية ظهر المقاومة والجيش السوري من أية مشاغلة جانبية وإبقاء وجهتهما نحو «إسرائيل».
والأهمّ أنّ في ظلّ حالة الانهيار الشامل لهذه المجموعات (داعش والنصرة وغيرها) ، فإنّ لحزب الله أسبابه الخاصة لهذه المعركة، ربطاً بعرسال وجرودها وبيئته الحاضنة في البقاع الشمالي وبالواقع السياسي اللبناني باستحقاق المرحلة المقبلة وإعادة ترتيب المنطقة، بخاصة أنّ خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو الغطاء الحقيقي الذي استند إليه الحزب في معركته، بالإضافة إلي موقف رئيس الحكومة «التطنيش» بالتعاطي مع هذه المعركة.
مرحلة ما بعد عرسال هي مرحلة فاصلة، لها أبعادها المحلية الإقليمية الدولية، مع تحريك العملية السياسية في سورية، وتفعيل الوقائع الميدانية الناتجة عن مفاوضات أستانة والمناطق المنخفضة التوتر، ووضع سورية فعلياً علي سكة نهاية الأزمة وإنْ كانت ترجمة هذا الواقع ميدانياً يحتاج إلي أشهر وكحدّ أقصي سنة، يؤكد المصدر نفسه. وبالتالي فإنّ لبنان يجب أن يكون علي جهوزية للانسجام مع هذا الواقع الجديد وليس سراً أنّ أمر إنهاء معركة الجرود قد صدح في خطاب السيد نصرالله.
*بقلم:هتاف دهام (جريدة البناء اللبنانية)
انتهي**2054**2344


www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *