الصفحة الرئيسية / سیاسیة / فيصل عبد الساتر : لا قيمة لكل تهديدات ترامب

فيصل عبد الساتر : لا قيمة لكل تهديدات ترامب

في حديث خاص لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، قال المحلل السياسي اللبناني الأستاذ فيصل عبد الساتر تعليقاً علي ليلة التصريحات الصاخبة وعالية النبرة التي ملأت وسائل الإعلام منذ البارحة وحتي اليوم، بدءاً من المواقف التي سبقت خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول العلاقة مع إيران، وتحديداً بعد نشر موقع البيت الأبيض استراتيجيته تجاه الحرس الثوري الإيراني تمهيداً للخطاب. ثم الردود القاسية التي أطلقها الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، بالاضافة إلي المواجهة العلنية التي أبدتها الأطراف الموقعة علي الاتفاق النووي الإيراني لادعاءات الرئيس الأمريكي، أنه 'وبعد ما يزيد عن 12 عاماً من المماحكات والأخذ والرد فيما خص برنامج إيران النووي، كان هدف الأمريكي أن يضغط علي إيران لتسليم ما تحتفظ به من مخزونات اليورانيوم وإلزامها بتخزينها وشرائها من خلف الحدود، بحيث يصبح من السهولة بمكان ضربها، أو تخريبها، أو السيطرة عليها بشكل من الأشكال، وهذا الأمر الذي لم يتحقق.'
وفيما يلي المقابلة كاملة:
*ارنا: ما هي النوايا الحقيقية التي تقبع خلف الإصرار الأمريكي علي استهداف البرنامج النووي الإيراني السلمي؟
**عبدالستار: لو عدنا إلي المراحل الأخيرة التي سبقت الاتفاق النووي الذي تم توقيعه، فقد كان كل تركيز إدارة أوباما منصبّاً علي محاولة إلزام إيران بتقديم تنازلات علي هامش الاتفاق النووي، من خلال إضافة ملفات أخري للمفاوضات. علي رأس تلك الملفات هو النفوذ الإيراني في المنطقة ودعم حركات المقاومة وحزب الله بشكل خاص، الأمر الذي رفضه الإيرانيون رفضاً تاماً، وكانت هذه النقطة مجال إجماع شعبي عام في إيران، ما حدا بالأمريكيين في نهاية المطاف للرضوخ في هذا الشأن. بينما استمرت الضغوطات الشديدة في ملف الصواريخ البالستية وتطويرها، فهذه النقطة هي المطلب الصهيوني الأول والأخير، وأكبر مصدر قلق للكيان الصهيوني، لعلمه بأن التهديد الحقيقي ليس السلاح النووي، الذي لن يتجرأ أحد علي استخدامه حتي في حال امتلاكه، بعكس الصواريخ وبرنامج إيران البالستي. إلا أن هذا الأمر انتهي أيضاً برضوخ أمريكي، نظراً إلي موقف الولايات المتحدة الضعيف من هذه الزاوية كونها من أكبر مصدري السلاح في العالم، كما أن الكيان الصهيوني ليس موقّعاً حتي الآن علي اتفاقية الحد من انتشار السلاح النووي.
*ارنا: من أي منظور يمكننا فهم 'اشتباك التصريحات' الذي انطلق بعيد خطاب ترامب؟ وهل يمكن لأوروبا أن تواجه الولايات المتحدة دفاعاً عن الاتفاق؟
**عبدالستار: إن عدم قيام أوروبا بالوقوف في وجه تصريحات ترامب يضعها في موقف محرج للغاية، ويفقد العالم الثقة بهم وبالأمم المتحدة ككل. إلا أن خوفهم الأكبر يكمن من المفاعيل المالية والعقوبات التي تريد أمريكا فرضها علي إيران، والتي ستكون الشركات الأوروبية مجبرة علي الالتزام بها، مقابل السماح لها بالاستثمار داخل الولايات المتحدة. فأمريكا لا تملك أي موطن قوة آخر يمكنها عبره من الضغط علي الأوربيين لدفعهم نحو نقض الاتفاق مع إيران، إن أكثر ما يمكن أن يؤلم الأوروبيين في حال استمرار التصعيد المتبادل هو العقوبات.
*ارنا:ماذا يريد ترامب وما هي قدراته الواقعية؟
**عبدالستار: لا قيمة لكل تهديدات ترامب! وهو لا يريد عبر رفع مستوي التهديد والضغط من بوابة العقوبات علي الحرس الثوري أن يكسب شيئاً من نفس الاتفاق، بل هو يؤمّل النفس بالحصول علي مكاسب ضمن الملفات الأخري المتعلقة بإيران.
*ارنا:كمراقب، كيف يمكنك أن تصف رد الرئيس روحاني علي خطاب ترامب؟
**عبدالستار:إن موقف الرئيس روحاني وموقف إيران بشكل عام قوي جداً، والرئيس الإيراني يتكلم مع الرئيس الأمريكي من موقع الندّ للندّ، هذا سلوك المنتصر، وهو نتيجة مباشرة لثبات إيران الشديد أثناء المفاوضات التي أفضت إلي الاتفاق من جهة، وإلي التزام إيران بما تعهدت به لأطراف الاتفاق من جهة أخري.
إن اتهام الرئيس روحاني لترامب بأنه يكذب، ليس أمراً سهلاً، وهذا ناشئ عن معرفة إيران بقوة موقفها في هذه المرحلة. لا يرتبط الأمر فقط بالتزام إيران بتعهداتها، بل إن خطاب ترامب نفسه، وتصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وغيره من قادة الكيان، تشير بما لا يقبل الشك، أن الطرفين لا يرغبان في نقض الاتفاق النووي علي الاطلاق، بل يهدفان إلي الضغط في سبيل تعديله لا أكثر، من دون الوصول إلي مرحلة فك الارتباط معها.
*ارنا:ما هي حقيقة الموقف السعودي؟
**عبدالستار: حاول السعوديون الاستفادة من جنون ترامب، وهذا ما يفسّر زيارتهم الأخيرة إلي روسيا، كونهم علي علم مسبق بالموقف الأمريكي التصعيدي، فسارعوا إلي محاولة إرضاء الروس بصفقة تسليح ضخمة، في مقابل ابتعادهم عن إيران. السعودي راهن علي طمع الروس بصفقة السلاح، كونهم يبدون استعدادهم للدخول إلي سوق السلاح السعودي، وقد تم بالفعل توقيع مجموعة اتفاقيات. لكن الأمر بالنسبة للروس لا يعدو عن كونه منافسة تجارية منعزلة عن الاستثمار السياسي. والحال أن السعودي لم يستطع أن يحصد أي شيء من هذه المناورة، فلا مفاعيل عملية لكلمة ترامب حتي الآن،سوي بعض العزاء الإعلامي، ولا تغيّر في المواقف الروسية تجاه الملف، مما يعني أن السعودية وحتي هذه اللحظة قد خرجت من مناروتها بخفيّ حنين.
*ارنا:من هو المستفيد الأول من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، حال قيامه بذلك؟
**المستفيد الأول هي قطعاً إيران، بل وأكاد أجزم أن جزءاً غير قليل من السياسيين الإيرانيين الجذريين في عدائهم للولايات المتحدة يتضرعون لله ليل نهار من أجل أن يقوم ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي. من جهة أخري فإن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق سيضع الولايات المتحدة في مواجهة أوروبا وروسيا، كون الاتفاق ملزم للدول التي وقعت عليه، وليس اتفاقاً ثنائياً. وبما أن الاتفاق النووي قد تم تثبيته في الأمم المتحدة، فإنه لا يمكن نقضه إلا عبر قرار آخر من الأمم المتحدة. وهو الأمر الذي لا يمكن أن تستحصل عليه الولايات المتحدة بسهولة. هذا هو أحد أهم الأسباب التي جعلت ترامب يتريث ويتراجع عن فكرة إعلان انسحابه من الاتفاق، فالأمر سيكون أشبه بكابوس من العلاقات الدولية السيئة، وانعدام الثقة بالولايات المتحدة وقيادتها.
يصب الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في مصلحة كافة الأطراف الموقعة عليه، وبشكل خاص إيران، وقد أوفت إيران بما عليها من التعهدات التي التزمت بها. مقابل ذلك فإن إيران قد ربحت أولاً: اعترافاً دولياً برعاية الأمم المتحدة بقبولها عضواً في النادي النووي العالمي، شاء البعض أم أبي. ثانياً أنها شرعنت امتلاكها الفعلي للمعادلة التقنية اللازمة من أجل انتاج وتخصيب اليورانيوم، وأعتقد بأن هذه النقطة هي أهم ما حصّلته إيران من الاتفاق، لما له من تأثير شديد علي التطور العلمي في إيران، والذي سينعكس بما لا يقبل الشك علي كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها، وهذا بحد ذاته إنجاز.
انتهي**ب.ك**2344

www.irna.ir

تحقق أيضا

قيادي في حركة فتح: نحن جزء أصيل مما يجري من مواجهة في القدس

وقال في تصريح خاص لمراسلنا ان معظم قيادات فتح بالمعتقلات نتيجة ما قاموا به في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *