الصفحة الرئيسية / اجتماعية / أميركا.. أرض الأنفاس المرهقة

أميركا.. أرض الأنفاس المرهقة

انتشر على نطاق واسع يوم الثلاثاء 27 أيار/مايو مقطع فيديو قصير يظهر شرطيا أبيضا يركع على عنق رجل أسود يداه مقيدتان، يصرخ: "لا أستطيع التنفس".
وبعد دقائق، نُقل المتهم إلى المستشفى حيث كان بلا حركة وواضحا تماما أن روحه قد زهقت.. يمثل مقطع الفيديو هذا بداية انتفاضة على الصعيد الوطني ضد القمع والتمييز العنصري وعدم المساواة في بلد لطالما رفع شعارات وراية الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية.
ولم يكن هذا مقطع الفيديو الأول الذي يعرض عنف الشرطة ضد السود، ولكن على مدى السنوات الثلاث الماضية، تكثف على وجه الخصوص خطاب العنصرية والكراهية وتأجيج الأحقاد العرقية مع كلمات وتغريدات الرئيس دونالد ترامب، وأصبحت الفجوة أوسع بين البيض والأعراق الأخرى في هذا البلد.
وانتشرت موجة الاحتجاجات بسرعة من مدينة مينيابوليس، حيث وقع القتل، إلى ولايات أخرى، وتجمعت حشود كبيرة أمام البيت الأبيض.
وتصاعد العنف ونهبت المتاجر في مدينتي نيويورك وواشنطن العاصمة اللتين يمكن اعتبارهما قطبين سياسيين مهمين للولايات المتحدة، إلى جانب مينيسوتا وكاليفورنيا، وركزت وسائل الإعلام الأمريكية في نفس الوقت على تغطية هذه القضية بشكل مكثف للتغطية على السبب الرئيس لاندلاع الاحتجاجات وهو انعدام المساواة والعدالة.
واطلقت الكثير من التصريحات، ورددت العديد من الهتافات، أهمها "حياة السود مهمة"، ولكن من أجل فهم أسباب هذه التصرفات بشكل أفضل، يساعدنا خطاب الناشطة ذات البشرة السمراء توميكا مالوري التي تحدثت أمام المتظاهرين في مينيابوليس ضد العنصرية والأحداث ما بعد وفاة جورج فلويد.
واعتبرت مالوري سبب أعمال العنف من قبل المحتجين وإشعال النيران في المدينة هو أن المسؤولين والجهات المعنية بدلاً من القبض على ضباط الشرطة الذين قتلوا الرجل الأسود ومحاكمتهم وتسليمهم للعدالة، ما زالوا يفضلون الحفاظ على موقف قومي ورؤية تفضيل البيض على السود.
وتابعت هذه الناشطة الأميركية: "ان (قتل السود) عنف ممنهج يمارس في جميع أنحاء البلاد ونحن في وضع حرج. ويفقد السود حياتهم في مثل هذه الحالة الطارئة. فلا يمكننا النظر إلى هذا الحادث (وفاة جورج فلويد) وتبريره كحدث منفصل".
وأردفت مخاطبة المسؤولين الأميركيين: "إن تصرفات الشباب هي مجرد ردود أفعال لسلوككم.. انهم غاضبون.. كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة أرض الحرية للجميع، لكنها لم تكن أرض حرية للسود في أي وقت مضى.. لقد سئمنا.. لا تتحدثوا معنا عن النهب.. فأنتم الناهبون.. أنتم من سرق و نهب ممتلكات السود.. ".
وقال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في بيان أصدره على خلفية الأحداث الأخيرة، "إن موجات الاحتجاجات التي اجتاحت البلد بأكمله مثلت إحباطا شرعيا وصادقًا يتجذر في عقود من المحاولات الفاشلة لتحسين أداء الشرطة، وبشكل أعم، نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة". وأضاف، "ان الغالبية العظمى من المتظاهرين شجعان وسلميون ويشعرون بالمسؤولية وملهمون.. إنهم يستحقون الدعم والاحترام، وليس الإدانة".
وحث أوباما، الذي تحدث بعد مرور أكثر من أسبوع من الاحتجاجات وكان يبدو أن بيانه يهدف أكثر ما يهدف الى الاصطياد من الماء العكر، حث المتظاهرين على معرفة أن النزول إلى الشوارع ليس كافيا، وحثهم على الحضور أيضا للتصويت في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، حيث الانتخابات الرئاسية.
وقال أوباما: "يجب علينا أن نسلط الضوء على المشكلة ونجعل الأشخاص في السلطة غير مرتاحين، ولكن علينا أيضا ترجمة ذلك إلى حلول وقوانين عملية يمكن تنفيذها".

وفقًا للإحصاءات المنشورة، ان عدد السود الذين فقدوا حياتهم بسبب الإصابة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة أكثر من البيض.  وهم يشكلون الغالبية العظمى من الشريحة ذات الدخل المنخفض وأكبر فئة فقدت الحد الأدنى من متطلبات الحياة بسبب فقدان الوظائف جراء تفشي كورونا.
وفي حديث مع مراسل إرنا وفي معرض الإجابة على هذا السؤال ان الإحتجاجات الى متى ستستمر، قال الشاب الأبيض "كالي كانيم" المحتج على الظروف الراهنة: "أعتقد أن الاحتجاجات الأخيرة ستستمر لفترة أطول بكثير مما كانت عليه في الماضي.. الناس مستاؤون جدًا.. لا أعتقد أن هذه الاحتجاجات ستتوقف."
وأجاب على سؤال حول سبب عدم اتخاذ أي إجراء في هذا الصدد من قبل بعض المسؤولين من ذوي البشرة السمراء بمن فيهم باراك أوباما أو أعضاء آخرين في الكونغرس، قال: "ذوي المناصب العليا لا يريدون تغيير هذا الوضع لأن التغيير ليس في مصلحتهم.. معظم السود والأميركيين الأفارقة هم من الشريحة الفقيرة وذات الدخل المتدني".
وأضاف، "لهذا السبب نرى أعلى معدل للوفيات اثر الاصابة بكوفيد-19 لدى السود، كما نشهد أدنى مستوى تعليمي بين أفراد هذه الشريحة التي يشكل معظمها الفقراء. بالطبع، هناك بعض الفقراء بين البيض في الولايات المتحدة، لكن الغالبية العظمى هم من ذوي البشرة السمراء.
ويشكل الأميركان الأفارقة 13.4 بالمئة من إجمالي السكان في أميركا، والنسبة الأعلى من الفقر بين أفراد هذه الفئة القليلة بالمجتمع الأميركي تعكس جليا انعدام المساواة السائد في الولايات المتحدة.
وفيما يخص أعمال العنف ونهب الأموال العامة، قال كانيم: "لقد قاموا بدس بعض قوات الشغب بين صفوف المحتجين ليقوموا بنهب وسرقة الأموال، ليتمكنوا بالتالي من اخماد الاحتجاجات.. انهم ليسوا محتجين حقيقيين ولم يتدفقوا الى الشوارع لمناهضة التمييز وانعدام العدالة".
وعلق الطبيب الأمريكي المتقاعد "دان سميث" على موقف بعض المسؤولين الأميركيين من ذوي البشرة السمراء: "انهم لا يمتلكون قوة. ويجب على أولئك في الكونغرس التصرف بشكل يتواءم مع الحفاظ على مناصبهم والبقاء فيها. هذا وضع صعب للغاية. الولايات المتحدة حكومة فاشلة، كما قال الزعماء السود. لهذا أعتقد أننا بحاجة للحركة في هذا الاتجاه لإحداث تغيير ما".
وانتقد نزول قوات الجيش الى الشوارع، قائلا: يجب على الجيش ضمان أمن الشعب الأمريكي، وليس الوقوف بوجه الشعب الأمريكي نفسه.
وقال المحتج الآخر "رين ثيل" في السياق ذاته: "قبل ثلاثة أيام، كانت هناك مسيرة وتجمع سلمي في واشنطن العاصمة، ولكن تم استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص البلاستيكي لفتح الطريق أمام ترامب لعبور الشارع".
انتهى**أ م د

IRNA Arabic

تحقق أيضا

مساعد وزير الصناعة: 2200 وحدة صناعية عاطلة ستعود الى عجلة الانتاج

وقال زرندي في تصريحه الخميس خلال جلسة حوار بين الحكومة والقطاع الخاص في محافظة كهكيلوية …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *